كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَوَافَقَهُمُ الزُّهْرِيُّ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ الْكَلاَمُ أَثْنَاءَ الإِْقَامَةِ وَبَيْنَ الإِْقَامَةِ وَالصَّلاَةِ، وَيَبْنِي عَلَى إِقَامَتِهِ، لأَِنَّ الإِْقَامَةَ حَدْرٌ وَهَذَا يُخَالِفُ الْوَارِدَ وَيَقْطَعُ بَيْنَ كَلِمَاتِهَا (1)
. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (إِقَامَةٌ ف 16) .
الْكَلاَمُ بَعْدَ النِّيَّةِ وَقَبْل تَكْبِيرَةِ الإِْحْرَامِ:
15 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْكَلاَمِ بَعْدَ النِّيَّةِ وَقَبْل تَكْبِيرَةِ الإِْحْرَامِ.
فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يَنْوِي الصَّلاَةَ الَّتِي يَدْخُل فِيهَا بِنِيَّةٍ لاَ يَفْصِل بَيْنَهَا وَبَيْنَ التَّحْرِيمَةِ بِعَمَلٍ (2) .
وَقَال بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: إِذَا قَال الْمُؤَذِّنُ قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ وَجَبَ عَلَى الإِْمَامِ التَّكْبِيرُ مِمَّا يَدُل عَلَى كَرَاهَةِ الْكَلاَمِ بَعْدَ النِّيَّةِ وَقَبْل تَكْبِيرَةِ الإِْحْرَامِ، هَذَا إِذَا كَانَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ لأَِمْرٍ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ فَلاَ يُكْرَهُ.
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ: كَرَاهَةَ الْكَلاَمِ حِينَ الإِْقَامَةِ وَحُرْمَتَهُ بَعْدَ إِحْرَامِ الإِْمَامِ، وَلاَ يَخْتَصُّ
__________
(1) مواهب الجليل 1 / 427، وحاشية الدسوقي 1 / 179، والمغني 1 / 425، والإنصاف 1 / 420، وكشاف القناع 1 / 241.
(2) فتح القدير 1 / 231، والفتاوى الهندية 1 / 71 - 72، وعمدة القاري 2 / 681.
ذَلِكَ بِالْجُمُعَةِ (1) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: الْكَلاَمُ بَعْدَ النِّيَّةِ وَقَبْل تَكْبِيرَةِ الإِْحْرَامِ لاَ يَجُوزُ وَيُبْطِل الصَّلاَةَ، وَلَوْ قَال: نَوَيْتُ أُصَلِّي الظُّهْرَ اللَّهُ أَكْبَرُ نَوَيْتُ، بَطَلَتْ صَلاَتُهُ لأَِنَّ قَوْلَهُ (نَوَيْتُ) بَعْدَ التَّكْبِيرِ كَلاَمٌ أَجْنَبِيٌّ عَنِ الصَّلاَةِ وَقَدْ طَرَأَ بَعْدَ انْعِقَادِ الصَّلاَةِ فَأَبْطَلَهَا (2) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: وَلَوْ تَكَلَّمَ بَعْدَ النِّيَّةِ وَقَبْل التَّكْبِيرِ صَحَّتْ صَلاَتُهُ لأَِنَّ الْكَلاَمَ لاَ يُنَافِي الْعَزْمَ الْمُتَقَدِّمَ وَلاَ يُنَاقِضُ النِّيَّةَ الْمُتَقَدِّمَةَ فَتَسْتَمِرُّ إِلَى أَنْ يُوجَدَ مُنَاقِضٌ (3) .
الْكَلاَمُ فِي الصَّلاَةِ:
16 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الصَّلاَةَ تَبْطُل بِالْكَلاَمِ (4) لِمَا رَوَى زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلاَةِ، يُكَلِّمُ الرَّجُل صَاحِبَهُ وَهُوَ إِلَى جَنْبِهِ فِي الصَّلاَةِ حَتَّى نَزَلَتْ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ وَنُهِينَا عَنِ الْكَلاَمِ (5) ، وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال:
__________
(1) حاشية الدسوقي 1 / 385.
(2) حاشية الباجوري 1 / 149، ومغني المحتاج 1 / 149، والمجموع 3 / 289.
(3) كشاف القناع 1 / 316.
(4) حاشية ابن عابدين 1 / 413، والمبسوط 1 / 170، وحاشية الدسوقي 1 / 289، ومغني المحتاج 1 / 195، ومطالب أولي النهى 1 / 520 - 538، والمغني 2 / 46،47.
(5) حديث زيد بن أرقم: كنا نتكلم في الصلاة. . أخرجه مسلم (1 / 383) .
الصفحة 115