كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)

الإِْشَارَةَ طَاوُسٌ (1) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى إِلَى أَنَّهُ لاَ يَحْرُمُ الْكَلاَمُ، وَالإِْنْصَاتُ سُنَّةٌ (2) ، لِمَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَل عَلَيْهِ رَجُلٌ وَهُوَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَال: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَأَوْمَأَ النَّاسُ إِلَيْهِ بِالسُّكُوتِ فَلَمْ يَفْعَل وَأَعَادَ الْكَلاَمَ فَقَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الثَّالِثَةِ: وَيْحَكَ مَا أَعْدَدْتَ لَهَا قَال: حُبُّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَقَال: إِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ (3) . وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلاَمَهُمْ وَلَوْ حَرُمَ عَلَيْهِمْ لأََنْكَرَهُ عَلَيْهِمْ.
وَرَوَى أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ قَامَ رَجُلٌ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ هَلَكَ الْكُرَاعُ وَهَلَكَ الشَّاةُ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَسْقِيَنَا. . . (4) وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
وَوَرَدَ أَنَّ عُثْمَانَ دَخَل وَعُمَرُ يَخْطُبُ فَقَال عُمَرُ: مَا بَال رِجَالٍ يَتَأَخَّرُونَ بَعْدَ النِّدَاءِ، فَقَال عُثْمَانُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا زِدْتَ حِينَ سَمِعْتُ النِّدَاءَ أَنْ تَوَضَّأْتُ (5) ، فَدَلَّتِ
__________
(1) المغني 2 / 323.
(2) المجموع 4 / 523، كفاية الأخيار 1 / 93، والمغني 2 / 320.
(3) حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليه رجل وهو يخطب يوم الجمعة. أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (3 / 149) .
(4) حديث أنس: بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة. أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 412 - 413) .
(5) أثر: أن عثمان دخل وعمر يخطب. . أخرجه مسلم (2 / 580) .
الأَْحَادِيثُ عَلَى جَوَازِ الْكَلاَمِ حَال الْخُطْبَةِ.
18 - وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَجُوزُ الْكَلاَمُ قَبْل الشُّرُوعِ فِي الْخُطْبَةِ وَبَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا وَقَبْل الصَّلاَةِ، وَفِيمَا بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ خِلاَفٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لاَ يَحْرُمُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُهَذَّبِ، هَذَا فِي الْكَلاَمِ الَّذِي لاَ يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ مُهِمٌّ، فَأَمَّا إِذَا رَأَى أَعْمَى يَقَعُ فِي بِئْرٍ أَوْ عَقْرَبًا تَدِبُّ عَلَى إِنْسَانٍ فَأَنْذَرَهُ فَلاَ يَحْرُمُ بِلاَ خِلاَفٍ، وَكَذَا لَوْ أَمَرَ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ فَإِنَّهُ لاَ يَحْرُمُ قَطْعًا وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الأَْصْحَابُ (1) .
وَوَافَقَ الْحَنَابِلَةُ الشَّافِعِيَّةَ فِي جَوَازِ الْكَلاَمِ قَبْل الْخُطْبَتَيْنِ وَبَعْدَهُمَا وَبَيْنَهُمَا إِذَا سَكَتَ الإِْمَامُ (2) .
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: إِذَا خَرَجَ الإِْمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ تَرَكَ النَّاسُ الصَّلاَةَ وَالْكَلاَمَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ.
وَقَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لاَ بَأْسَ بِالْكَلاَمِ إِذَا خَرَجَ الإِْمَامُ قَبْل أَنْ يَخْطُبَ وَإِذَا نَزَل قَبْل أَنْ يُكَبِّرَ، وَاخْتَلَفَا فِي جُلُوسِهِ إِذَا سَكَتَ: فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُبَاحُ الْكَلاَمُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لأَِنَّ
__________
(1) شرح الزرقاني 2 / 65، وحاشية الدسوقي 1 / 387، والمغني لابن قدامة 2 / 323، والفتاوى الهندية 1 / 147، والطحطاوي 1 / 281 - 283.
(2) المجموع 4 / 523، وكفاية الأخيار 1 / 93.

الصفحة 117