كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)

الْقُرْآنِ، وَيُكْرَهُ أَيْضًا قَطْعُ الْقِرَاءَةِ لِمُكَالَمَةِ أَحَدٍ، وَاسْتَدَل بِمَا وَرَدَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ لَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ، وَلأَِنَّ كَلاَمَ اللَّهِ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُؤْثَرَ عَلَيْهِ كَلاَمُ غَيْرِهِ (1) .
وَيُسَنُّ الاِسْتِمَاعُ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَتَرْكُ الْكَلاَمِ وَاللَّغَطِ وَالْحَدِيثِ لِحُضُورِ الْقِرَاءَةِ (2) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (اسْتِمَاعٌ ف 3 وَمَا بَعْدَهَا، وَتِلاَوَةٌ ف 17، وَقُرْآنٌ ف 16) .

الْكَلاَمُ فِي الطَّوَافِ:
21 - صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِكَرَاهَةِ الْكَلاَمِ أَثْنَاءَ الطَّوَافِ لَكِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لاَ حَاجَةَ فِيهِ، لأَِنَّ ذَلِكَ يَشْغَلُهُ عَنِ الدُّعَاءِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ (3) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى جَوَازِ الْكَلاَمِ فِي الطَّوَافِ وَلاَ يَبْطُل بِهِ وَلاَ يُكْرَهُ، لَكِنِ الأَْوْلَى وَالأَْفْضَل تَرْكُ الْكَلاَمِ فِي الطَّوَافِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ كَلاَمًا فِي خَيْرٍ كَأَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ أَوْ تَعْلِيمِ جَاهِلٍ أَوْ جَوَابِ فَتْوَى (4) ، لِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلاَةٌ إِلاَّ أَنَّ اللَّهَ
__________
(1) أثر ابن عمر أنه كان إذا قرأ القرآن لم يتكلم. . أخرجه البخاري (الفتح 8 / 189) .
(2) بريقة محمودية 3 / 268، والبرهان في علوم القرآن 1 / 464، 475، والإتقان 1 / 109.
(3) بدائع الصنائع 1 / 131، وشرح اللباب ص 110، ومواهب الجليل 3 / 68.
(4) المجموع 8 / 45 - 46.
تَعَالَى أَحَل لَكُمْ فِيهِ الْكَلاَمَ فَمَنْ يَتَكَلَّمْ فَلاَ يَتَكَلَّمُ إِلاَّ بِخَيْرٍ (1) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدَعَ الْحَدِيثَ وَالْكَلاَمَ فِي الطَّوَافِ إِلاَّ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ أَوْ أَمْرًا بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهْيًا عَنْ مُنْكَرٍ أَوْ مَا لاَ بُدَّ مِنْهُ (2) ، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلاَةٌ فَأَقِلُّوا مِنَ الْكَلاَمِ (3) ، وَفِي لَفْظٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: الطَّوَافُ حَوْل الْبَيْتِ مِثْل الصَّلاَةِ إِلاَّ أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ فِيهِ، فَمَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ فَلاَ يَتَكَلَّمَنَّ إِلاَّ بِالْخَيْرِ (4) ، قَال التِّرْمِذِيُّ: الْعَمَل عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ، يَسْتَحِبُّونَ أَنْ لاَ يَتَكَلَّمَ الرَّجُل فِي الطَّوَافِ إِلاَّ لِحَاجَةٍ أَوْ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ مِنَ الْعِلْمِ (5) .
وَالْكَلاَمُ الْمُبَاحُ الَّذِي يُحْتَاجُ إِلَيْهِ لاَ بَأْسَ بِهِ، أَمَّا الْكَلاَمُ غَيْرُ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لِقَوْل ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا " أَقِلُّوا الْكَلاَمَ فِي
__________
(1) حديث: " الطواف بالبيت صلاة. . . ". أخرجه الحاكم (1 / 459) من حديث ابن عباس، وصححه الحاكم ووافقه البيهقي.
(2) المغني 3 / 378، ومطالب أولي النهى 2 / 394.
(3) حديث: " الطواف بالبيت صلاة. . . ". أخرجه النسائي (5 / 222) وصححه ابن حجر في التلخيص (1 / 130) .
(4) حديث: " الطواف حول البيت مثل الصلاة. . . ". أخرجه الترمذي (3 / 284) .
(5) سنن الترمذي (3 / 284) .

الصفحة 119