كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)
وَقِيل: إِنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ بِمَا عَدَا الْجِهَادَ.
وَقِيل: بِالتَّوَقُّفِ (1) .
وَاجِبُ الْمُسْلِمِينَ تُجَاهَ الْكُفَّارِ
12 - يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ دَعْوَةُ الْكُفَّارِ إِلَى الإِْسْلاَمِ لِقَوْل اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {ادْعُ إِلَى سَبِيل رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (2) ، وَلاَ يُقَاتَلُونَ قَبْل الدَّعْوَةِ إِلَى الإِْسْلاَمِ لأَِنَّ قِتَال الْكُفَّارِ لَمْ يُفْرَضْ لِعَيْنِ الْقِتَال بَل لِلدَّعْوَةِ إِلَى الإِْسْلاَمِ.
وَالدَّعْوَةُ دَعْوَتَانِ: دَعْوَةٌ بِالْبَنَانِ وَهِيَ الْقِتَال وَدَعْوَةٌ بِالْبَيَانِ وَهُوَ اللِّسَانُ، وَذَلِكَ بِالتَّبْلِيغِ، وَالدَّعْوَةُ بِالْبَيَانِ أَهْوَنُ مِنَ الدَّعْوَةِ بِالْقِتَال لأَِنَّ فِي الْقِتَال مُخَاطَرَةَ الرُّوحِ وَالنَّفْسِ وَالْمَال، وَلَيْسَ فِي دَعْوَةِ التَّبْلِيغِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَإِذَا احْتُمِل حُصُول الْمَقْصُودِ بِأَهْوَنِ الدَّعْوَتَيْنِ لَزِمَ الاِفْتِتَاحُ بِهَا، وَقَدْ " رُوِيَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُقَاتِل الْكَفَرَةَ حَتَّى يَدْعُوَهُمْ إِلَى الإِْسْلاَمِ " (3) .
ثُمَّ إِذَا دَعَاهُمُ الْمُسْلِمُونَ إِلَى الإِْسْلاَمِ فَإِنْ أَسْلَمُوا كَفُّوا عَنْهُمُ الْقِتَال لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {
__________
(1) البحر المحيط 1 / 401، وفواتح الرحموت 1 / 128، وتهذيب الفروق 3 / 231 - 232.
(2) سورة النحل / 125.
(3) حديث: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يقاتل الكفرة حتى يدعوهم إلى الإسلام ". ورد ضمن حديث بريدة أنه كان إذا أمر أميرًا أمره بذلك، أخرجه مسلم (3 / 1357) .
أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِل النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّهِ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ الإِْسْلاَمِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ (1) ، فَإِنْ أَبَوُا الإِْجَابَةَ إِلَى الإِْسْلاَمِ دَعَوْهُمْ إِلَى الذِّمَّةِ إِنْ كَانُوا مِمَّنْ تُقْبَل مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ، فَإِنْ أَجَابُوا كَفُّوا عَنْهُمْ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمُ الْجِزْيَةَ فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَل مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ (2) وَإِنْ أَبَوُا اسْتَعَانُوا بِاللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى قِتَالِهِمْ وَوَثِقُوا بِنَصْرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَهُمْ بَعْدَ أَنْ بَذَلُوا جَهْدَهُمْ وَاسْتَفْرَغُوا وُسْعَهُمْ (3) .
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي (جِزْيَةٌ ف 25 - 30، وَجِهَادٌ ف 24) .
مَا يَلْزَمُ الْكَافِرَ إِذَا أَسْلَمَ
13 - قَال الْقَرَافِيُّ: أَحْوَال الْكَافِرِ مُخْتَلِفَةٌ إِذَا أَسْلَمَ، فَيَلْزَمُهُ ثَمَنُ الْبِيَاعَاتِ وَأَجْرُ الإِْجَارَاتِ وَدَفْعُ الدُّيُونِ الَّتِي اقْتَرَضَهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ.
وَلاَ يَلْزَمُهُ مِنْ حُقُوقِ الآْدَمِيِّينَ الْقِصَاصُ وَلاَ الْغَصْبُ وَلاَ النَّهْبُ إِنْ كَانَ حَرْبِيًّا، وَأَمَّا الذِّمِّيُّ فَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْمَظَالِمِ وَرَدُّهَا لأَِنَّهُ عَقَدَ
__________
(1) حديث: " أمرت أن أقاتل الناس. . . ". سبق تخريجه ف 6.
(2) حديث: " فإن هم أبوا فسلهم الجزية. . . ". أخرجه مسلم (2 / 1357) .
(3) بدائع الصنائع 7 / 100، والمغني 8 / 361، 362، والمواق بهامش الحطاب 3 / 350.
الصفحة 21