كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)

ب - أَنَّ الاِلْتِقَاطَ تَكَسُّبٌ فَصَحَّ مِنْ هَؤُلاَءِ كَالاِصْطِيَادِ وَالاِحْتِشَاشِ (1) .

الاِتِّجَاهُ الثَّانِي:
ذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ هُوَ كُل حُرٍّ مُسْلِمٍ، بَالِغٍ، وَعَلَى ذَلِكَ لاَ يَصِحُّ الاِلْتِقَاطُ عِنْدَهُ مِنَ الْعَبْدِ وَلاَ مِنَ الذِّمِّيِّ وَلاَ مِنَ الصَّبِيِّ، وَوَافَقَهُ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِي عَدَمِ جَوَازِ الاِلْتِقَاطِ مِنَ الذِّمِّيِّ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا يَأْتِي:
أ - أَنَّ اللُّقَطَةَ وِلاَيَةٌ وَلاَ وِلاَيَةَ لِلْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ وَالصَّغِيرِ.
ب - أَنَّ اللُّقَطَةَ أَمَانَةٌ وَالذِّمِّيُّ لَيْسَ أَهْلاً لِلأَْمَانَاتِ.
وَإِنْ تَلِفَتِ اللُّقَطَةُ فِي يَدِ مَنْ يَجُوزُ لَهُ الاِلْتِقَاطُ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَمَانٌ، لأَِنَّهُ أَخَذَ مَا لَهُ الْحَقُّ فِي أَخْذِهِ.
أَمَّا إِنْ كَانَ التَّلَفُ بِتَفْرِيطِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا مِنْ مَالِهِ هُوَ (2) .
وَإِذَا عَلِمَ الْوَلِيُّ بِالْتِقَاطِ مَنْ عَلَيْهِ الْوِلاَيَةُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَخْذُهَا مِنْهُ، لأَِنَّ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ لَيْسَ مِنْ أَهْل الْحِفْظِ وَالأَْمَانَةِ، فَإِنْ تَرَكَهَا الْوَلِيُّ فِي
__________
(1) ابن عابدين 3 / 319، ومغني المحتاج 2 / 426، والمهذب 1 / 433، والمغني 5 / 731 - 732، والمقنع 2 / 301، ومنتهى الإرادات 1 / 558.
(2) المراجع السابقة وبداية المجتهد لابن رشد 2 / 333.
يَدِهِ كَانَ عَلَيْهِ ضَمَانُهَا، لأَِنَّهُ يَلْزَمُهُ حِفْظُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الصَّبِيِّ، وَهَذَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّهُ، فَإِذَا تَرَكَهَا فِي يَدِهِ كَانَ مُضَيِّعًا لَهَا فَوَجَبَ عَلَيْهِ ضَمَانُهَا، وَإِذَا أَخَذَهَا الْوَلِيُّ عَرَّفَهَا هُوَ، لأَِنَّ وَاجِدَهَا لَيْسَ مِنْ أَهْل التَّعْرِيفِ، فَإِذَا عَرَّفَهَا خِلاَل مُدَّةِ التَّعْرِيفِ دَخَلَتْ فِي مِلْكِ وَاجِدِهَا وَلَيْسَ فِي مِلْكِ الْوَلِيِّ لأَِنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ تَمَّ شَرْطُهُ فَيَثْبُتُ الْمِلْكُ لَهُ.

الإِْشْهَادُ عَلَى اللُّقَطَةِ
6 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يُسَنُّ الإِْشْهَادُ عَلَى اللُّقَطَةِ حِينَ يَجِدُهَا، لأَِنَّ فِي الإِْشْهَادِ صِيَانَةً لِنَفْسِهِ عَنِ الطَّمَعِ فِيهَا وَكَتْمِهَا وَحِفْظِهَا مِنْ وَرَثَتِهِ إِنْ مَاتَ، وَمِنْ غُرَمَائِهِ إِنْ أَفْلَسَ، وَيُشْهِدُ عَلَيْهَا سَوَاءٌ أَكَانَ الاِلْتِقَاطُ لِلتَّمَلُّكِ أَمْ لِلْحِفْظِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ مُقَابِل الْمَذْهَبِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى وُجُوبِ الإِْشْهَادِ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ ذَا عَدْلٍ أَوْ ذَوِي عَدْلٍ وَلاَ يَكْتُمْ وَلاَ يُغَيِّبْ (1) ، وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِذَا تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ ادِّعَاءَ مِلْكِيَّتِهَا.
وَيَكُونُ الإِْشْهَادُ بِقَوْلِهِ عَلَى مَسْمَعٍ مِنَ
__________
(1) حديث: " من وجد لقطة فليشهد. . . ". أخرجه أبو داود (2 / 335) من حديث عياض بن حمار وإسناده صحيح.

الصفحة 297