كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)

النَّاسِ: إِنِّي أَلْتَقِطُ لُقَطَةً، أَوْ عِنْدِي لُقَطَةٌ، فَأَيُّ النَّاسِ أَنْشَدَهَا فَدُلُّوهُ عَلَيَّ، فَإِذَا أَشْهَدَ عَلَيْهَا ثُمَّ هَلَكَتْ فَالْقَوْل قَوْل الْمُلْتَقِطِ وَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ.
وَيَذْكُرُ فِي الإِْشْهَادِ بَعْضَ صِفَاتِ اللُّقَطَةِ لِيَكُونَ فِي الإِْشْهَادِ فَائِدَةٌ وَلاَ يَسْتَوْعِبُ صِفَاتِهَا لِئَلاَّ يَنْتَشِرَ ذَلِكَ فَيَدَّعِيهَا مَنْ لاَ يَسْتَحِقُّهَا مِمَّنْ يَذْكُرُ صِفَاتِهَا الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُلْتَقِطُ، وَلَكِنْ يَذْكُرُ لِلشُّهُودِ مَا يَذْكُرُهُ فِي التَّعْرِيفِ مِنَ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ، أَوْ عِفَاصِهَا أَوْ وِكَائِهَا (1) .

تَعْرِيفُ اللُّقَطَةِ
7 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْمُعْتَمَدِ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ تَعْرِيفُ اللُّقَطَةِ سَوَاءٌ أَرَادَ تَمَلُّكَهَا أَوْ حِفْظَهَا لِصَاحِبِهَا لِمَا وَرَدَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَال: أَصَبْتُ صُرَّةً فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: عَرِّفْهَا حَوْلاً فَعَرَّفْتُهَا حَوْلاً فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَال: عَرِّفْهَا حَوْلاً فَعَرَّفْتُهَا فَلَمْ أَجِدْ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ ثَلاَثًا فَقَال: احْفَظْ وِعَاءَهَا وَعَدَدَهَا وَوِكَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وَإِلاَّ فَاسْتَمْتِعْ بِهَا (2) .
__________
(1) حاشية ابن عابدين 3 / 319، وحاشية الدسوقي 4 / 126، ومغني المحتاج 2 / 407، والمغني والشرح الكبير 6 / 335.
(2) حديث أبي بن كعب: " أصبت صرة فيها مائة دينار. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 5 / 78) ومسلم (3 / 1350) واللفظ للبخاري.
وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَنْ أَرَادَ حِفْظَهَا وَمَنْ أَرَادَ تَمَلُّكَهَا، وَلأَِنَّ حِفْظَهَا لِصَاحِبِهَا إِنَّمَا يُقَيِّدُ بِاتِّصَالِهَا إِلَيْهِ وَطَرِيقَةِ التَّعْرِيفِ، أَمَّا بَقَاؤُهَا فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ مِنْ غَيْرِ وُصُولِهَا إِلَى صَاحِبِهَا وَهَلاَكِهَا سِيَّانِ، وَلأَِنَّ إِمْسَاكَهَا مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ تَضْيِيعٌ لَهَا عَنْ صَاحِبِهَا فَلَمْ يَجُزْ، وَلأَِنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبِ التَّعْرِيفُ لَمَا جَازَ الاِلْتِقَاطُ، لأَِنَّ بَقَاءَهَا فِي مَكَانِهَا إِذًا أَقْرَبُ إِلَى وُصُولِهَا إِلَى صَاحِبِهَا، إِمَّا بِأَنْ يَطْلُبَهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي ضَاعَتْ فِيهِ فَيَجِدُهَا، وَإِمَّا بِأَنْ يَجِدَهَا مَنْ يَعْرِفُهَا، وَأَخْذُهَا يُفَوِّتُ الأَْمْرَيْنِ فَيَحْرُمُ، فَلَمَّا جَازَ الاِلْتِقَاطُ وَجَبَ التَّعْرِيفُ كَيْ لاَ يَحْصُل هَذَا الضَّرَرُ، وَلأَِنَّ التَّعْرِيفَ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ أَرَادَ تَمَلُّكَهُ، فَكَذَلِكَ عَلَى مَنْ أَرَادَ حِفْظَهَا.
وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يَتَوَلَّى التَّعْرِيفَ أَنْ يَكُونَ عَاقِلاً ثِقَةً وَلاَ تُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ إِذَا كَانَ مَوْثُوقًا بِقَوْلِهِ، كَمَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَشْهُورٍ بِالْخَلاَعَةِ وَالْمُجُونِ وَهُوَ عَدَمُ الْمُبَالاَةِ بِمَا يَصْنَعُ (1) .

مُدَّةُ التَّعْرِيفِ:
8 - يَرَى مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ أَنَّ اللُّقَطَةَ تُعَرَّفُ سَنَةً مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ الْقَلِيل
__________
(1) فتح القدير 6 / 120، والدسوقي 4 / 120، والمدونة 6 / 173، والأم 4 / 66، والمغني والشرح الكبير 6 / 319، 320، وفتح الباري 5 / 78، 92، ومغني المحتاج 2 / 412 - 413.

الصفحة 298