كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)

عَلَى الْمُلْتَقِطِ أَنْ يَسْتَغْرِقَ جَمِيعَ الْحَوْل بِالتَّعْرِيفِ كُل يَوْمٍ، بَل يُعَرِّفُ فِي أَوَّل السَّنَةِ كُل يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ مَرَّةً كُل أُسْبُوعٍ، ثُمَّ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ فِي كُل شَهْرٍ، وَإِنَّمَا جُعِل التَّعْرِيفُ فِي أَوَّل السَّنَةِ أَكْثَرَ، لأَِنَّ طَلَبَ الْمَالِكِ فِيهَا أَكْثَرُ، وَكُلَّمَا طَالَتِ الْمُدَّةُ عَلَى فَقْدِ اللُّقَطَةِ قَل طَلَبُ الْمَالِكِ لَهَا.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَأَبُو الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ إِنْ أَخَذَهَا لِيَحْفَظَهَا لِمَالِكِهَا لاَ تَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ إِنْ كَانَتْ لَهَا مُؤْنَةٌ بَل يُرَتِّبُهَا الْقَاضِي مِنْ بَيْتِ الْمَال أَوْ يَقْتَرِضُ عَلَى الْمَالِكِ، وَإِنْ أَخَذَهَا لِلتَّمَلُّكِ لَزِمَهُ مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ لَوِ اسْتَنَابَ غَيْرَهُ لَتَعْرِيفِهَا فَالأَْجْرُ مِنَ اللُّقَطَةِ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَتَوَلَّى التَّعْرِيفَ بِنَفْسِهِ وَلَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ فِيهِ غَيْرَهُ، فَإِنْ وَجَدَ مُتَبَرِّعًا بِذَلِكَ، وَإِلاَّ إِنِ احْتَاجَ إِلَى أَجْرٍ فَهُوَ عَلَى الْمُلْتَقِطِ.
قَال الشَّافِعِيَّةُ وَإِنْ أَرَادَ سَفَرًا اسْتَنَابَ مِنْ يَحْفَظُ اللُّقَطَةَ وَيُعَرِّفُهَا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَلاَ يُسَافِرُ بِهَا، أَمَّا إِذَا الْتَقَطَ اثْنَانِ لُقَطَةً عَرَّفَهَا كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ سَنَةٍ، أَوْ عَرَّفَهَا أَحَدُهُمَا سَنَةً كَامِلَةً نِيَابَةً عَنِ الآْخَرِ، وَيُعَرِّفُهَا كُلَّهَا لاَ نِصْفَهَا لِيَكُونَ لِلتَّعْرِيفِ فَائِدَةٌ. وَإِنْ أَرَادَ التَّخَلُّصَ مِنْ تَعَبِ التَّعْرِيفِ
دَفَعَهَا إِلَى حَاكِمٍ أَمِينٍ، أَوْ إِلَى الْقَاضِي، وَيَلْزَمُهُمَا الْقَبُول حِفْظًا لَهَا عَلَى صَاحِبِهَا (1) .

كَيْفِيَّةُ التَّعْرِيفِ
11 - يَجِبُ أَنْ يَذْكُرَ مَنْ يَتَوَلَّى التَّعْرِيفَ جِنْسَ اللُّقَطَةِ وَنَوْعَهَا وَمَكَانَ وُجُودِهَا وَتَارِيخَ الْتِقَاطِهَا، وَلاَ سِيَّمَا إِذَا تَأَخَّرَ فِي التَّعْرِيفِ، كَمَا لَهُ أَنْ يَذْكُرَ عِفَاصَهَا أَوْ وِكَاءَهَا، لأَِنَّ فِي ذِكْرِ الْجِنْسِ أَوِ النَّوْعِ أَوِ الْعِفَاصِ أَوِ الْوِكَاءِ مَا يُؤَدِّي إِلَى انْتِشَارِ ذَلِكَ بَيْنَ النَّاسِ فَيُؤَدِّي إِلَى الظَّفَرِ بِالْمَالِكِ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُعَرِّفِ أَنْ لاَ يَسْتَوْفِيَ جَمِيعَ أَوْصَافِ اللُّقَطَةِ حَتَّى لاَ يَعْتَمِدَهَا كَاذِبٌ فَيُفَوِّتُهَا عَلَى مَالِكِهَا (2) .

تَضْمِينُ الْمُلْتَقِطِ
12 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إِذَا أَشْهَدَ عَلَى اللُّقَطَةِ فَيَدُهُ عَلَيْهَا أَثَنَاءَ الْحَوْل يَدُ أَمَانَةٍ، إِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا أَخَذَهَا بِزِيَادَتِهَا الْمُتَّصِلَةِ وَالْمُنْفَصِلَةِ، لأَِنَّهَا نَمَاءُ مِلْكِهِ، وَإِنْ تَلِفَتْ عِنْدَ الْمُلْتَقِطِ أَثْنَاءَ الْحَوْل بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ أَوْ نَقَصَتْ فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ كَالْوَدِيعَةِ، وَإِنْ أَقَرَّ الْمُلْتَقِطُ أَنَّهُ أَخَذَهَا لِنَفْسِهِ يَضْمَنُ لأَِنَّهُ أَخَذَ مَال غَيْرِهِ
__________
(1) تبيين الحقائق 3 / 302، 303، البناية شرح الهداية 6 / 20، 23، وحاشية الدسوقي 4 / 120، ومغني المحتاج 2 / 412 - 414، والمغني والشرح الكبير 6 / 322.
(2) فتح القدير 6 / 122، 123، وبدائع الصنائع 6 / 202، ومغني المحتاج 2 / 413، 414، وروضة الطالبين 5 / 408، والمغني والشرح الكبير 6 / 323.

الصفحة 300