كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)
لاَ يَضْمَنُ سَوَاءٌ أَشْهَدَ أَمْ لاَ، وَيَكُونُ الْقَوْل قَوْل الْمُلْتَقِطِ مَعَ يَمِينِهِ. وَيَرَى أَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إِذَا رَدَّ اللُّقَطَةَ بَعْدَ أَخْذِهَا فَضَاعَتْ أَوْ هَلَكَتْ ضَمِنَهَا، لأَِنَّهَا أَمَانَةٌ حَصَلَتْ فِي يَدِهِ فَلَزِمَهُ حِفْظُهَا فَإِذَا ضَيَّعَهَا لَزِمَهُ ضَمَانُهَا كَمَا لَوْ ضَيَّعَ الْوَدِيعَةَ، أَمَّا إِذَا ضَاعَتِ اللُّقَطَةُ مِنْ مُلْتَقِطِهَا بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ، لأَِنَّهَا أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ، فَإِنْ ضَاعَتْ مِنَ الأَْوَّل فَالْتَقَطَهَا آخِرُ فَعَرَفَ أَنَّهَا ضَاعَتْ مِنَ الأَْوَّل فَعَلَيْهِ رَدُّهَا إِلَيْهِ، لأَِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ التَّمَوُّل، وَوِلاَيَةُ التَّعْرِيفِ وَالْحِفْظِ، فَلاَ يَزُول ذَلِكَ بِالضَّيَاعِ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفِ الثَّانِي مِمَّنْ ضَاعَتْ حَتَّى عَرَّفَهَا حَوْلاً مَلَكَهَا لأَِنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ وُجِدَ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ عُدْوَانٍ فَيَثْبُتُ الْمِلْكُ بِهِ، وَلاَ يَمْلِكُ الأَْوَّل انْتِزَاعَهَا مِنْهُ، لأَِنَّ الْمِلْكَ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ التَّمَلُّكِ، وَإِذَا جَاءَ صَاحِبُهَا فَلَهُ أَخْذُهَا مِنَ الثَّانِي وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الأَْوَّل لأَِنَّهُ لَمْ يُفَرِّطْ فِي الْحِفْظِ (1) .
تَمَلُّكُ اللُّقَطَةِ
14 - يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ جِوَازَ تَمَلُّكِ الْمُلْتَقِطِ اللُّقَطَةَ إِذَا عَرَّفَهَا لِلتَّمَلُّكِ سَنَةً أَوْ دُونَهَا وَلَمْ تُعْرَفْ، وَصَارَتْ مِنْ
__________
(1) بدائع الصنائع 6 / 3867 - 3868، والمدونة الكبرى 6 / 178، والمغني والشرح الكبير 6 / 341 - 343.
مَالِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ غَنِيًّا أَمْ فَقِيرًا وَتَدْخُل فِي مِلْكِهِ عِنْدَ تَمَامِ التَّعْرِيفِ، كَمَا أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَرَى أَنَّ اللُّقَطَةَ لاَ تَدْخُل مِلْكَ الْمُلْتَقِطِ حَتَّى يَخْتَارَ التَّمَلُّكَ بِلَفْظٍ يَدُل عَلَى الْمِلْكِ كَتَمَلَّكْتُ مَا الْتَقَطْتُهُ، أَمَّا الأَْخْرَسُ فَتَكْفِي إِشَارَتُهُ الْمُفْهِمَةُ كَسَائِرِ عُقُودِهِ.
وَيَرَى أَبُو حَنِيفَةَ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ تَمَلُّكُ اللُّقَطَةِ وَالاِنْتِفَاعُ بِهَا إِلاَّ إِذَا كَانَ الْمُلْتَقِطُ فَقِيرًا، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَحْقِيقِ النَّظَرِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، نَظَرُ الثَّوَابِ لِلْمَالِكِ، وَنَظَرُ الاِنْتِفَاعِ لِلْمُلْتَقِطِ، وَلِهَذَا جَازَ الدَّفْعُ إِلَى فَقِيرٍ غَيْرِهِ، كَمَا يَجُوزُ لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَدْفَعَهَا إِلَى أَبِيهِ أَوِ ابْنِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ إِذَا كَانُوا فُقَرَاءَ وَإِنْ كَانَ هُوَ غَنِيًّا.
وَوَلَدُ اللُّقَطَةِ كَاللُّقَطَةِ إِنْ كَانَتْ حَامِلاً عِنْدَ الْتِقَاطِهَا وَانْفَصَل مِنْهَا قَبْل تَمَلُّكِهَا، وَإِلاَّ مَلَكَهُ تَبَعًا لأُِمِّهِ.
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَ الْهَاشِمِيِّ وَغَيْرِهِ، وَلاَ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ فِي جِوَازِ تَمَلُّكِ اللُّقَطَةِ، أَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَيَرَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ تَمَلُّكُ اللُّقَطَةِ لِمَنْ لاَ تَحِل لَهُ الصَّدَقَةُ كَالْغَنِيِّ.
وَإِذَا الْتَقَطَهَا اثْنَانِ أَوْ أَكْثَرُ مَلَكَاهَا جَمِيعًا، وَإِنْ رَآهَا أَحَدُهُمَا وَأَخَذَهَا الآْخَرُ مَلَكَهَا الآْخِذُ دُونَ مَنْ رَآهَا، لأَِنَّ اسْتِحْقَاقَ اللُّقَطَةِ بِالأَْخَذِ
الصفحة 302