كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)

تَعْرِيضِ مَا الْتَقَطَهُ لِلْهَلاَكِ أَوِ الضَّيَاعِ أَوِ النُّقْصَانِ، وَإِذَا اتَّجَرَ فِيهَا خِلاَل الْحَوْل فَهُوَ ضَامِنٌ لَهَا، أَوْ ضَامِنٌ لأَِرْشِ نَقْصِهَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَإِذَا رَبِحَتْ خِلاَل الْحَوْل وَجَاءَ صَاحِبُهَا فَيَجِبُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ رَدُّهَا إِلَيْهِ مَعَ زِيَادَتِهَا الْمُتَّصِلَةِ أَوِ الْمُنْفَصِلَةِ (1) .

النَّفَقَةُ عَلَى اللُّقَطَةِ
16 - اللُّقَطَةُ خِلاَل مُدَّةِ التَّعْرِيفِ إِمَّا أَنْ تَحْتَاجَ إِلَى نَفَقَةٍ لِلإِْبْقَاءِ عَلَيْهَا كَمَا هُوَ الْحَال بِالنِّسْبَةِ إِلَى الأَْنْعَامِ مِثْل نَفَقَةِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَأُجْرَةِ الرَّاعِي، وَإِمَّا أَنْ لاَ تَحْتَاجَ إِلَى نَفَقَةٍ كَمَا فِي النُّقُودِ، وَإِمَّا أَنْ تَحْتَاجَ إِلَى بَعْضِ النَّفَقَةِ كَمَا فِي أُجْرَةِ الْحَمْل بِالنِّسْبَةِ لِلأَْمْتِعَةِ، وَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ مُلْتَقِطَ الأَْنْعَامِ إِذَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَأَمْرِهِ كَانَ مَا أَنْفَقَهُ دَيْنًا عَلَى صَاحِبِهَا لأَِنَّ لِلْحَاكِمِ وَالْقَاضِي وِلاَيَةً فِي مَال الْغَائِبِ نَظَرًا لَهُ، وَقَدْ يَكُونُ النَّظَرُ بِالإِْنْفَاقِ، وَكَذَلِكَ الْحَال إِذَا أَنْفَقَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْحَاكِمِ عَلَى رَأْيِ مَالِكٍ بَيْنَمَا يَرَى الأَْئِمَّةُ الثَّلاَثَةُ أَنَّهُ إِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إِذْنِ الْحَاكِمِ أَوِ الْقَاضِي فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِمَا أَنْفَقَهُ لِقُصُورِ وِلاَيَتِهِ فِي مَال الْغَائِبِ بِإِشْغَال ذِمَّتِهِ بِالدَّيْنِ بِدُونِ أَمْرِهِ، وَيَجْرِي الْخِلاَفُ
__________
(1) فتح القدير 6 / 118 - 120، وبدائع الصنائع 6 / 202 - 203، والمدونة الكبرى 6 / 175، 178، ومغني المحتاج 2 / 416، وروضة الطالبين 5 / 415، والمغني والشرح الكبير 6 / 339 - 343.
السَّابِقُ فِيمَا إِذَا الْتَقَطَ مَا يُمْكِنُ بَقَاؤُهُ بِلاَ إِنْفَاقٍ عَلَيْهِ كَالرُّطَبِ الَّذِي يَتَتَمَّرُ وَالْعِنَبِ الَّذِي يَتَزَبَّبُ وَاللَّبَنِ الَّذِي يَتَحَوَّل إِلَى أَقِطٍ إِنْ كَانَ الأَْحَظَّ وَالأَْفْضَل لِصَاحِبِهِ الإِْبْقَاءُ عَلَيْهِ وَالاِحْتِفَاظُ بِهِ، وَإِلاَّ أَمَرَهُ الْقَاضِي بِبَيْعِهِ وَالاِحْتِفَاظِ بِثَمَنِهِ.
وَإِذَا رَفَعَ الْمُلْتَقِطُ الأَْمْرَ إِلَى الْحَاكِمِ نَظَرَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ لِلْبَهِيمَةِ مَنْفَعَةٌ وَثَمَّ مَنْ يَسْتَأْجِرُهَا أَجَّرَهَا وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنْ أُجْرَتِهَا، لأَِنَّ فِيهِ إِبْقَاءً لِلْعَيْنِ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا مِنْ غَيْرِ إِلْزَامِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَنْفَعَةٌ وَخَافَ أَنْ تَسْتَغْرِقَ النَّفَقَةُ قِيمَتَهَا بَاعَهَا وَأَمَرَ بِحِفْظِ ثَمَنِهَا، إِبْقَاءً لَهُ مَعْنًى عِنْدَ تَعَذُّرِ إِبْقَائِهِ صُورَةً، لأَِنَّ الثَّمَنَ يَقُومُ مَقَامَ الْعَيْنِ إِذْ يَصِل بِهِ إِلَى مِثْلِهِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ كَانَ الأَْصْلَحُ الإِْنْفَاقَ عَلَيْهَا أَذِنَ فِي ذَلِكَ وَجَعَل النَّفَقَةَ دَيْنًا عَلَى مَالِكِهَا، لأَِنَّهُ نُصِبَ نَاظِرًا، وَفِي هَذَا نَظَرٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، وَإِنَّمَا يَأْمُرُ بِالإِْنْفَاقِ مُدَّةَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ عَلَى قَدْرِ مَا يُرْجَى أَنْ يَظْهَرَ مَالِكُهَا، فَإِذَا لَمْ يَظْهَرْ يَأْمُرُ بِبَيْعِهَا لأَِنَّ دَوَامَ النَّفَقَةِ مُسْتَأْصِلَةٌ بِالْعَيْنِ مَعْنًى، بَل رُبَّمَا تَذْهَبُ بِالْعَيْنِ وَيَبْقَى الدَّيْنُ عَلَى مَالِكِهَا وَلاَ نَظَرَ فِي ذَلِكَ أَصْلاً، بَل يَنْبَغِي أَنْ لاَ يَنْفُذَ ذَلِكَ مِنَ الْقَاضِي لَوْ أَمَرَ بِهِ لِلتَّيَقُّنِ بِعَدِمِ النَّظَرِ، وَإِذَا بَاعَهَا أُعْطِيَ الْمُلْتَقِطُ مِنْ ثَمَنِهَا مَا

الصفحة 304