كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)

الْمَدْفُوعُ إِلَيْهِ فِي يَدِهِ، لأَِنَّهُ قَبَضَ مَالَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَأَيَّهَا ضَمِنَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ (1) .

تَرْكُ الْمَتَاعِ
18 - سَبَقَ الْقَوْل أَنَّ مِلْكَ الْمَالِكِ لاَ يَزُول إِلاَّ بِسَبَبٍ مَشْرُوعٍ، وَقَدْ يَظْهَرُ مِنْ فِعْلِهِ مَا يَدُل عَلَى تَخَلِّيهِ عَنْ مِلْكِهِ لِعَدَمِ حَاجَتِهِ، أَوْ لِتَقْصِيرِهِ عَنِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ، أَوْ لِحَقَارَةِ مَا فَقَدَهُ أَوْ سَقَطَ مِنْهُ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْمَالِكَ قَدْ تَخَلَّى عَنْهُ لِمَا تَقَدَّمَ فَيَجُوزُ أَخْذُهُ وَتَمَلُّكُهُ، وَلاَ يُعَرِّفُهُ الآْخِذُ لأَِنَّ التَّعْرِيفَ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ أَجْل مَعْرِفَةِ صَاحِبِهِ وَالْوُصُول إِلَيْهِ لِرِدِّ مَا فَقَدَهُ، أَمَّا وَأَنَّ الْمَالِكَ قَدْ تَخَلَّى عَنْهُ فَلاَ يُرَدُّ إِلَيْهِ، كَمَا فِي إِلْقَاءِ بَعْضِ الأَْثَاثِ فِي مَوَاضِعِ الْقُمَامَةِ أَوْ خَارِجَ الْبُيُوتِ لَيْلاً، وَكَمَا هُوَ الْحَال بِالنِّسْبَةِ لِلسَّنَابِل السَّاقِطَةِ أَثْنَاءَ الْحَصَادِ وَعَلَى الطُّرُقَاتِ وَكَسُقُوطِ السَّوْطِ وَالْعَصَا وَحَبَّاتٍ مِنَ التَّمْرِ فِي الطَّرِيقِ، فَمِثْل هَذِهِ الأَْشْيَاءِ يَجُوزُ أَخْذُهَا وَالاِنْتِفَاعُ بِهَا وَلاَ تُعَرَّفُ (2) .

الْجُعْل عَلَى اللُّقَطَةِ
19 - يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ جِوَازَ أَخْذِ الْجُعْل، إِنْ جَعَل صَاحِبُ اللُّقَطَةِ جُعْلاً مَعْلُومًا لِمَنْ
__________
(1) فتح القدير 6 / 124، وتبيين الحقائق 3 / 304، وبدائع الصنائع 6 / 3870، والمدونة الكبرى 6 / 180، ومغني المحتاج 2 / 410، والقواعد لابن رجب ص 240.
(2) الشرح الكبير مع الدسوقي 4 / 120، ومغني المحتاج 2 / 414، وكشاف القناع 4 / 209.
وَجَدَهَا، فَلِلْمُلْتَقِطِ أَخْذُ الْجُعْل إِنْ كَانَ الْتَقَطَهَا بَعْدَ أَنْ بَلَغَهُ الْجُعْل، لأَِنَّ الْجَعَالَةَ فِي رَدِّ الضَّالَّةِ وَالآْبِقِ وَغَيْرِهِمَا جَائِزَةٌ بِدَلِيل قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْل بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} (1) .
وَمِنَ الْحَدِيثِ مَا رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَوْا حَيًّا مِنَ الْعَرَبِ فَلَمْ يَقْرُوهُمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ لُدِغَ سَيِّدُ أُولَئِكَ فَقَالُوا: هَل فِيكُمْ رَاقٍ؟ فَقَالُوا: لَمْ تَقْرُونَا فَلاَ نَفْعَل حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلاً فَجَعَلُوا لَهُمْ قَطِيعَ شِيَاهٍ، فَجَعَل رَجُلٌ يَجْمَعُ بُزَاقَهُ وَيَتْفُل وَيَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، فَبَرَأَ الرَّجُل فَأَتَوْا بِالشَّاةِ فَقَالُوا: لاَ نَأْخُذُهَا حَتَّى نَسْأَل عَنْهَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوهُ فَقَال: وَمَا يَدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ، اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا (2) .
وَالْحَاجَةُ تَدْعُو أَحْيَانًا كَثِيرَةً إِلَى جَعْل جُعْلٍ عَلَى رِدِّ اللُّقَطَةِ، طَلَبًا لِلسُّرْعَةِ فِي رَدِّهَا، وَلأَِنَّهُ قَدْ لاَ يَجِدُ مَنْ يَتَبَرَّعُ بِهِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَجْعَل الْجُعْل لِشَخْصٍ بِعَيْنِهِ فَيَقُول: إِنْ رَدَدْتَ لُقَطَتِي فَلَكَ دِينَارٌ مَثَلاً،
__________
(1) سورة يوسف / 72.
(2) حديث أبي سعيد: " أن ناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أتوا حيًّا من العرب. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 453) ومسلم (4 / 1727) .

الصفحة 306