كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُكَ بِعَدَدِهَا وَوِعَائِهَا وَوِكَائِهَا فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ (1) .
وَلأَِنَّهُ مِنَ الْمُتَعَذِّرِ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى اللُّقَطَةِ، لأَِنَّهَا ضَاعَتْ مِنْ صَاحِبِهَا حَال السَّهْوِ وَالْغَفْلَةِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ شُهُودٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ الأَْوْصَافِ وَالْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ مِنَ الْبَيِّنَةِ (2) .
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ لاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهَا لِمُدَّعِيهَا إِذَا لَمْ يَصِفْهَا بِصِفَاتِهَا وَلَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً عَلَيْهَا، وَلَمْ يَعْلَمِ الْمُلْتَقِطُ أَنَّهَا لَهُ، وَلاَ يُجْبِرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى دَفْعِهَا إِلَيْهِ، لأَِنَّ النَّاسَ لاَ يُعْطَوْنَ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، فَإِنِ ادَّعَاهَا اثْنَانِ وَوَصَفَاهَا، أَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ مُتَسَاوِيَتَيْنِ أَقْرَعَ الْمُلْتَقِطُ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ وَقَعَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ حَلَفَ وَدُفِعَتْ إِلَيْهِ، لأَِنَّهُمَا تَسَاوَيَا فِيمَا يُسْتَحَقُّ بِهِ الدَّفْعُ فَتَسَاوَيَا فِيهِ (3) .

اللُّقَطَةُ فِي الْحَرَمِ
21 - يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَ لُقَطَةِ
__________
(1) حديث: " فإن جاء أحد يخبرك بعددها. . . ". أخرجه مسلم (3 / 1351) .
(2) فتح القدير 6 / 129، 130، والمدونة الكبرى 6 / 174، 175، وتبيين الحقائق 3 / 306، ومغني المحتاج 2 / 416، 417، والمغني والشرح الكبير 6 / 336، 337.
(3) المغني والشرح الكبير 6 / 337.
الْحِل وَلُقَطَةِ الْحَرَمِ مِنْ حَيْثُ جِوَازِ الاِلْتِقَاطِ وَالتَّعْرِيفِ لِمُدَّةِ سَنَةٍ، لأَِنَّ اللُّقَطَةَ كَالْوَدِيعَةِ فَلَمْ يَخْتَلِفْ حُكْمُهَا بِالْحِل وَالْحَرَمِ، وَالأَْحَادِيثُ النَّبَوِيَّةُ الشَّرِيفَةُ لَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَ لُقَطَةِ الْحِل وَالْحَرَمِ، مِثْل قَوْلِهِ: اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً (1) .
وَيَرَى الشَّافِعِيُّ أَنَّ لُقَطَةَ الْحَرَمِ لاَ يَحِل أَخْذُهَا إِلاَّ لِلتَّعْرِيفِ وَأَنَّهَا تُعَرَّفُ عَلَى الدَّوَامِ، إِذْ إِنَّ الأَْحَادِيثَ الْخَاصَّةَ بِلُقَطَةِ الْحَرَمِ لَمْ تُوَقِّتِ التَّعْرِيفَ بِسَنَةٍ كَغَيْرِهَا، فَدَلَّتْ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ التَّعْرِيفَ عَلَى الدَّوَامِ، وَإِلاَّ فَلاَ فَائِدَةَ مِنَ التَّخْصِيصِ، وَلأَِنَّ مَكَّةَ شَرَّفَهَا اللَّهُ، مَثَابَةٌ لِلنَّاسِ يَعُودُونَ إِلَيْهَا الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ، فَرُبَّمَا يَعُودُ مَالِكُهَا مِنْ أَجْلِهَا مَرَّةً ثَانِيَةً، أَوْ يَبْعَثُ فِي طَلَبِهَا، فَكَأَنَّهُ جَعَل مَالَهُ بِهِ مَحْفُوظًا مِنَ الضَّيَاعِ (2) .

اللُّقَطَةُ فِي دَارِ الْحَرْبِ
22 - مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنْ كَانَ فِي الْجَيْشِ عَرَّفْهَا سَنَةً فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ ثُمَّ يَطْرَحُهَا فِي الْمَغْنَمِ، وَإِنَّمَا يُعَرِّفُهَا فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ لأَِنَّ أَمْوَال أَهْل الْحَرْبِ مُبَاحَةٌ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِمُسْلِمٍ، وَلأَِنَّهُ قَدْ لاَ يُمْكِنُهُ الْمُقَامُ فِي
__________
(1) حديث: " اعرف وكاءها. . . ". تقدم تخريجه ف8.
(2) فتح القدير 6 / 128، الأم 4 / 67، مغني المحتاج 2 / 417، والمغني والشرح الكبير 6 / 332.

الصفحة 308