كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)
السَّفَرُ بِاللَّقِيطِ
8 - ذَكَرَ حُكْمَ السَّفَرِ بِاللَّقِيطِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ مَعَ تَفْصِيلٍ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيَانُهُ فِيمَا يَلِي:
فَرَّقَ الشَّافِعِيَّةُ بَيْنَ الْتِقَاطِ الْمُقِيمِ فِي مَكَانٍ وَالْغَرِيبِ عَنْ مَكَانِ الْمُلْتَقِطِ فَقَالُوا:
أ - الأَْصَحُّ أَنَّ الْغَرِيبَ إِذَا كَانَ أَمِينًا وَاخْتُبِرَتْ أَمَانَتُهُ وَوَجَدَ لَقِيطًا بِبَلَدٍ فَلَهُ أَنْ يَنْقُلَهُ إِلَى بَلَدِهِ لِتَقَارُبِ الْمَعِيشَةِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَتَوَاصُل الأَْخْبَارِ، فَإِنْ لَمْ تُخْتَبَرْ أَمَانَتُهُ وَجُهِل حَالُهُ لَمْ يُقَرَّ فِي يَدِهِ لأَِنَّهُ لاَ يُؤْمَنُ أَنْ يَسْتَرِقَّهُ إِذَا غَابَ وَمُقَابِل الأَْصَحِّ لاَ يَجُوزُ لَهُ نَقْلُهُ خَشْيَةَ ضَيَاعِ النَّسَبِ (1) .
ب - وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا وَجَدَ بَلَدِيٌّ لَقِيطًا بِبَلَدٍ فَلَيْسَ لَهُ نَقْلُهُ إِلَى بَادِيَةٍ لِخُشُونَةِ عَيْشِهَا وَتَفْوِيتِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَالصَّنْعَةِ، وَقِيل لِضَيَاعِ النَّسَبِ.
وَالأَْصَحُّ أَنَّ لَهُ نَقْلَهُ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ. وَهَذَا الْخِلاَفُ إِنَّمَا هُوَ عِنْدَ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَتَوَاصُل الأَْخْبَارِ، فَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا أَوِ انْقَطَعَتِ الأَْخْبَارُ بَيْنَهُمَا لَمْ يُقَرَّ اللَّقِيطُ فِي يَدِهِ قَطْعًا.
وَلَمْ يُفَرِّقَ الْجُمْهُورُ (أَيْ جُمْهُورُ فُقَهَاءِ
__________
(1) مغني المحتاج 2 / 420، ونهاية المحتاج 5 / 448.
الشَّافِعِيَّةِ) بَيْنَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَدُونِهَا، وَجَعَل الْمَاوَرْدِيُّ الْخِلاَفَ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَقَطَعَ فِيمَا دُونَهَا بِالْجِوَازِ وَمَنَعَهُ فِي الْكِفَايَةِ، وَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (1) .
ج - وَإِنْ وَجَدَ اللَّقِيطَ بَلَدِيٌّ بِبَادِيَةٍ فِي حِلَّةٍ أَوْ قَبِيلَةٍ فَلَهُ نَقْلُهُ إِلَى قَرْيَةٍ وَإِلَى بَلَدٍ يَقْصِدُهُ لأَِنَّهُ أَرْفَقُ بِهِ، وَقِيل وَجْهَانِ، فَإِنْ كَانَتِ الْبَادِيَةُ فِي مَهْلَكَةٍ فَلَهُ نَقْلُهُ لِمَقْصِدِهِ قَطْعًا.
د - وَإِنْ وَجَدَ اللَّقِيطَ بَدْوِيٌّ بِبَادِيَةٍ أُقِرَّ بِيَدِهِ وَإِنْ كَانَ أَهْل حِلَّتِهِ يَنْتَقِلُونَ لأَِنَّهَا فِي حَقِّهِ كَبَلْدَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ، وَقِيل: إِنْ كَانُوا يَنْتَقِلُونَ لِلنُّجْعَةِ - أَيِ الاِنْتِقَال لِطَلَبِ الْمَرْعَى - لَمْ يُقَرَّ فِي يَدِهِ لأَِنَّ فِيهِ تَضْيِيعًا لِنَسَبِهِ.
قَال الرَّمْلِيُّ: وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ لِلْمُلْتَقِطِ نَقْل اللَّقِيطِ مِنْ بَلَدٍ أَوْ قَرْيَةٍ أَوْ بَادِيَةٍ لِمِثْلِهِ أَوْ أَعَلَى مِنْهُ لاَ لِدُونِهِ، وَأَنَّ شَرْطَ جِوَازِ النَّقْل مُطْلَقًا إِنْ أُمِنَ الطَّرِيقُ وَالْمَقْصِدُ وَتَوَاصُل الأَْخْبَارِ وَاخْتِبَارُ أَمَانَةِ الْمُلْتَقِطِ (2) .
وَيُفَرِّقُ الْحَنَابِلَةُ بَيْنَ السَّفَرِ بِاللَّقِيطِ لِغَيْرِ النَّقْلَةِ وَالسَّفَرِ بِهِ إِلَى مَكَانٍ لِلإِْقَامَةِ بِهِ. كَمَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْمُلْتَقِطِ إِذَا كَانَ مَسْتُورَ الْحَال لَمْ تُعْرَفْ مِنْهُ حَقِيقَةُ الْعَدَالَةِ وَلاَ الْخِيَانَةِ وَبَيْنَ مَنْ عُرِفَتْ عَدَالَتُهُ وَظَهَرَتْ أَمَانَتُهُ.
__________
(1) نهاية المحتاج 5 / 448، ومغني المحتاج 2 / 419، 420.
(2) مغني المحتاج 2 / 420، ونهاية المحتاج 5 / 449.
الصفحة 314