كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)
قَوْل أَنَسٍ وَعَطَاءٍ وَيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَالأَْوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ وَأَبِي ثَوْرٍ (1) .
فَإِنْ أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِأَحَدِهِمَا لَحِقَ بِهِ وَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِمَا فَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ سَقَطَ قَوْلُهُمَا وَلاَ يَلْحَقُ بِهِمَا وَيُتْرَكُ حَتَّى يَبْلُغَ فَإِذَا بَلَغَ أُمِرَ بِالاِنْتِسَابِ إِلَى مَنْ يَمِيل طَبْعُهُ إِلَيْهِ فَمَنِ انْتَسَبَ إِلَيْهِ مِنْهُمَا لَحِقَ بِهِ " لِمَا وَرَدَ أَنَّ رَجُلَيْنِ ادَّعَيَا رَجُلاً لاَ يُدْرَى أَيُّهُمَا أَبُوهُ فَقَال عُمَرُ: اتَّبِعْ أَيَّهُمَا شِئْتَ (2) ، وَلأَِنَّ طَبْعَ الْوَلَدِ يَمِيل إِلَى وَالِدِهِ وَيَجِدُ بِهِ مَا لاَ يَجِدُ بِغَيْرِهِ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَلْحَقُ بِهِمَا وَكَانَ ابْنُهُمَا يَرِثُهُمَا مِيرَاثَ ابْنٍ وَيَرِثَانِهِ جَمِيعًا مِيرَاثَ أَبٍ وَاحِدٍ وَهَذَا يُرْوَى عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَهُوَ قَوْل أَبِي ثَوْرٍ وَذَلِكَ لِمَا رُوِيَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عُمَرَ فِي امْرَأَةٍ وَطِئَهَا رَجُلاَنِ فِي طُهْرٍ فَقَال الْقَائِفُ: قَدِ اشْتَرَكَا فِيهِ جَمِيعًا فَجَعَلَهُ بَيْنَهُمَا، وَعَنْ الشَّعْبِيِّ قَال: وَعَلِيٌ يَقُول: هُوَ ابْنُهَا وَهُمَا أَبَوَاهُ يَرِثُهُمَا وَيَرِثَانِهِ (3) .
وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّهُ إِنِ ادَّعَاهُ أَكْثَرُ مِنَ اثْنَيْنِ فَأَلْحَقَتْهُ بِهِمُ الْقَافَةُ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِالثَّلاَثَةِ، وَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ: لاَ يَلْحَقُ بِأَكْثَرَ مِنَ
__________
(1) مغني المحتاج 2 / 428، والمغني 5 / 765 - 766.
(2) أثر: " أن رجلين ادعيا رجلا. . . ". أخرجه البيهقي (10 / 263) .
(3) روضة الطالبين 5 / 439، والمهذب 1 / 444، ومغني المحتاج 2 / 428، والمغني 5 / 771 - 772، 766.
اثْنَيْنِ، وَقَال الْقَاضِي لاَ يَلْحَقُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثَةٍ لأَِنَّ الْمَعْنَى الَّذِي لأَِجْلِهِ لَحِقَ بِاثْنَيْنِ مَوْجُودٌ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ فَيُقَاسُ عَلَيْهِ، وَإِذَا جَازَ أَنْ يَلْحَقَ مِنَ اثْنَيْنِ جَازَ أَنْ يَلْحَقَ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ (1) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوِ ادَّعَى رَجُلاَنِ أَنَّ اللَّقِيطَ ابْنُهُمَا وَلاَ بَيِّنَةَ لَهُمَا فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَالآْخَرُ ذِمِّيًّا فَالْمُسْلِمُ أَوْلَى لأَِنَّهُ أَنْفَعُ لِلَّقِيطِ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا وَالآْخَرُ عَبْدًا فَالْحُرُّ أَوْلَى لأَِنَّهُ أَنْفَعُ لَهُ.
وَإِنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ حُرَّيْنِ فَإِنْ وَصَفَ أَحَدُهُمَا عَلاَمَةً فِي جَسَدِهِ فَالْوَاصِفُ أَوْلَى بِهِ لأَِنَّ الدَّعْوَتَيْنِ مَتَى تَعَارَضَتَا يَجِبُ الْعَمَل بِالرَّاجِحِ مِنْهُمَا وَقَدْ تَرَجَّحَ أَحَدُهُمَا بِالْعَلاَمَةِ لأَِنَّهُ إِذَا وَصَفَ الْعَلاَمَةَ وَلَمْ يَصِفِ الآْخَرُ دَل عَلَى أَنَّ يَدَهُ عَلَيْهِ سَابِقَةٌ فَلاَ بُدَّ لِزَوَالِهَا مِنْ دَلِيلٍ.
وَالدَّلِيل عَلَى جِوَازِ الْعَمَل بِالْعَلاَمَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَال إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} (2) ، حَكَى اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الْحُكْمِ بِالْعَلاَمَةِ عَنِ الأُْمَمِ السَّالِفَةِ وَلَمْ يُغَيَّرْ
__________
(1) المغني 5 / 772 - 773.
(2) سورة يوسف / 26 - 28.
الصفحة 320