كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)

وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا (1) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ تَنَازَعَتِ امْرَأَتَانِ لَقِيطًا وَأَقَامَتَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا عُرِضَ مَعَهُمَا عَلَى الْقَائِفِ فَلَوْ أَلْحَقَهُ بِإِحْدَاهُمَا لَحِقَهَا وَلَحِقَ زَوْجَهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ لَمْ يُعْرَضْ عَلَى الْقَائِفِ لأَِنَّ اسْتِلْحَاقَ الْمَرْأَةِ إِنَّمَا يَصِحُّ مَعَ الْبَيِّنَةِ (2) وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: إِذْ إِنَّهُمْ قَالُوا: لاَ يَلْتَحِقُ الْوَلَدُ بِأَكْثَرَ مِنْ أُمٍّ وَاحِدَةٍ لأَِنَّهُ يَسْتَحِيل أَنْ يَكُونَ مِنْ أُمَّيْنِ فَإِنْ أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِأَكْثَرَ مِنْ أُمٍّ سَقَطَ قَوْلُهَا وَلَمْ يَلْحَقْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لِتَبَيُّنِ خَطَأِ الْقَافَةِ وَلَيْسَتْ إِحْدَاهُمَا أَوْلَى مِنَ الأُْخْرَى (3) .

نَفَقَةُ اللَّقِيطِ
15 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ نَفَقَةَ اللَّقِيطِ تَكُونُ فِي مَالِهِ إِنْ وُجِدَ مَعَهُ مَالٌ مِنْ دَرَاهِمَ وَغَيْرِهَا كَذَهَبٍ وَحُلِيٍّ وَثِيَابٍ مَلْفُوفَةٍ عَلَيْهِ وَمَفْرُوشَةٍ تَحْتَهُ وَدَابَّةٍ مَشْدُودَةٍ فِي وَسَطِهِ، أَوْ كَانَ مُسْتَحِقًّا فِي مَالٍ عَامٍّ كَالأَْمْوَال الْمَوْقُوفَةِ عَلَى اللُّقَطَاءِ أَوِ الْمُوصَى بِهَا لَهُمْ.
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ خَاصٌّ وَلَمْ تُوجَدْ أَمْوَالٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى اللُّقَطَاءِ أَوْ مُوصًى لَهُمْ بِهَا فَإِنَّ نَفَقَتَهُ تَكُونُ فِي بَيْتِ الْمَال لِقَوْل عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ
__________
(1) بدائع الصنائع 6 / 200.
(2) مغني المحتاج 2 / 428.
(3) كشاف القناع 4 / 237.
تَعَالَى عَنْهُ فِي حَدِيثِ أَبِي جَمِيلَةَ: اذْهَبْ فَهُوَ حُرٌّ وَلَكَ وَلاَؤُهُ وَعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ، وَفِي رِوَايَةٍ: مِنْ بَيْتِ الْمَال (1) ، وَلأَِنَّ بَيْتَ الْمَال وَارِثُهُ وَمَالُهُ مَصْرُوفٌ إِلَيْهِ فَتَكُونُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ الأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَمُقَابِل الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: لاَ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَال وَإِنَّمَا يُقْتَرَضُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَال أَوْ غَيْرِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَظْهَرَ لَهُ مَالٌ (2) .
16 - فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَال شَيْءٌ أَوْ كَانَ لَكِنْ هُنَاكَ مَا هُوَ أَهَمُّ مِنْ ذَلِكَ كَسَدِّ ثَغْرٍ يَعْظُمُ ضَرَرُهُ لَوْ تُرِكَ أَوْ حَالَتِ الظَّلَمَةُ دُونَهُ فَلِلْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ بَيَانُهُ مَا يَلِي:
قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَال مَالٌ وَأَبَى الْمُلْتَقِطُ أَنْ يَتَبَرَّعَ بِالإِْنْفَاقِ فَتَمَامُ النَّظَرِ بِالأَْمْرِ بِالإِْنْفَاقِ عَلَيْهِ لأَِنَّهُ لاَ يَبْقَى بِدُونِ النَّفَقَةِ عَادَةً وَلِلْقَاضِي عَلَيْهِ وِلاَيَةُ الإِْلْزَامِ لأَِنَّهُ وَلِيُّ كُل مَنْ عَجَزَ عَنِ التَّصَرُّفِ بِنَفْسِهِ يَثْبُتُ وِلاَيَتُهُ بِحَقِّ الدِّينِ فَيُعْتَبَرُ أَمْرُهُ فِي إِلْزَامِ الدِّينِ عَلَيْهِ، قَال السَّرْخَسِيُّ: وَقَدْ قَال بَعْضُ مَشَايِخِنَا:
__________
(1) أثر عمر: " اذهب فهو حر ولك ولاؤه. . . ". أخرجه مالك في الموطأ (2 / 738) ، والرواية الأخرى أخرجها عبد الرزاق (9 / 14) .
(2) بدائع الصنائع 6 / 198 - 199، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 4 / 124 - 125، والخرشي 7 / 130 - 131، ومغني المحتاج 2 / 421، والمغني 5 / 751 - 752، وشرح منتهى الإرادات 2 / 482.

الصفحة 322