كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)
لاَ يُعْرَفَ لَهُ قَاتِلٌ وَلاَ بَيِّنَةٌ بِقَتْلِهِ، وَبِشَرْطِ أَنْ لاَ يُسَاكِنَهُمْ غَيْرُهُمْ، وَقِيل: وَبِشَرْطِ أَنْ لاَ يُخَالِطَهُمْ غَيْرُهُمْ حَتَّى لَوْ كَانَتِ الْقَرْيَةُ بِقَارِعَةِ الطَّرِيقِ يَطْرُقُهَا التُّجَّارُ وَالْمُجْتَازُونَ وَغَيْرُهُمْ فَلاَ لَوْثَ، لاِحْتِمَال أَنَّ الْغَيْرَ قَتَلَهُ، وَذَلِكَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ لاَ تُعْلَمُ صَدَاقَتُهُ لِلْقَتِيل، وَلَيْسَ مِنْ أَهْل الْقَتِيل.
قَال النَّوَوِيُّ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ أَنْ لاَ يُخَالِطَهُمْ غَيْرُهُمْ، وَقَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: لَكِنِ الْمُصَنِّفُ - أَيِ النَّوَوِيُّ - فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ حَكَى الأَْوَّل - أَيِ اشْتِرَاطَ أَنْ لاَ يُخَالِطَهُمْ غَيْرُهُمْ - عَنِ الشَّافِعِيِّ وَصَوَّبَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَقَال الْبُلْقِينِيُّ: إِنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ.
الثَّانِي: أَنْ تَتَفَرَّقَ جَمَاعَةٌ عَنْ قَتِيلٍ فِي دَارٍ دَخَلَهَا عَلَيْهِمْ ضَيْفًا أَوْ دَخَل مَعَهُمْ لِحَاجَةٍ أَوْ فِي مَسْجِدٍ أَوْ بُسْتَانٍ أَوْ طَرِيقٍ أَوْ صَحْرَاءَ، وَكَذَا لَوِ ازْدَحَمَ قَوْمٌ عَلَى بِئْرٍ، أَوْ بَابِ الْكَعْبَةِ الْمُشَرَّفَةِ، أَوْ فِي الطَّوَافِ أَوْ فِي مَضِيقٍ ثُمَّ تَفَرَّقُوا عَنْ قَتِيلٍ، لِقُوَّةِ الظَّنِّ أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ وَلاَ يُشْتَرَطُ فِي هَذَا أَنْ تَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونُوا مَحْصُورِينَ بِحَيْثُ يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْقَتِيل.
الثَّالِثُ: أَنْ يَتَقَابَل صَفَّانِ لِقِتَالٍ فَيَقْتَتِلاَ فَيَنْكَشِفُوا عَنْ قَتِيلٍ مِنْ أَحَدِهِمَا طَرِيٍّ - كَمَا قَال بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ - فَإِنِ الْتَحَمَ قِتَالٌ مِنْ
بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ أَوْ وَصَل سِلاَحُ أَحَدِهِمَا إِلَى الآْخَرِ رَمْيًا أَوْ طَعْنًا أَوْ ضَرْبًا، وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ مَا أَتْلَفَهُ عَلَى الآْخَرِ، فَهُوَ لَوْثٌ فِي حَقِّ أَهْل الصَّفِّ الآْخَرِ، لأَِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ أَهْل صَفِّهِ لاَ يَقْتُلُونَهُ سَوَاءٌ أَوُجِدَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ أَمْ فِي صَفِّ نَفْسِهِ، أَمْ فِي صَفِّ خَصْمِهِ، وَإِنْ لَمْ يَلْتَحِمْ قِتَالٌ بَيْنَهُمَا وَلاَ وَصَل سِلاَحُ أَحَدِهِمَا إِلَى الآْخَرِ فَهُوَ لَوْثٌ فِي حَقِّ أَهْل صَفِّهِ أَيِ الْقَتِيل، لأَِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ.
الرَّابِعُ: أَنْ يُوجَدَ قَتِيلٌ فِي صَحْرَاءَ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مَعَهُ سِلاَحٌ مُتَلَطِّخٌ بِدَمٍ أَوْ عَلَى ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ أَثَرُ دَمٍ، مَا لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ تُعَارِضُهُ كَأَنْ وُجِدَ بِقُرْبِ الْقَتِيل سَبُعٌ أَوْ رَجُلٌ آخَرُ مُوَلٍّ ظَهْرَهُ أَوْ وُجِدَ أَثَرُ قَدَمٍ أَوْ تَرْشِيشُ دَمٍ فِي غَيْرِ الْجِهَةِ الَّتِي فِيهَا صَاحِبُ السِّلاَحِ فَلَيْسَ بِلَوْثٍ فِي حَقِّهِ، أَيْ صَاحِبِ السِّلاَحِ.
قَال النَّوَوِيُّ: وَلَوْ رَأَيْنَا مِنْ بُعْدٍ رَجُلاً يُحَرِّكُ يَدَهُ كَمَا يَفْعَل مِنْ يَضْرِبُ بِسَيْفٍ أَوْ سِكِّينٍ ثُمَّ وَجَدْنَا فِي الْمَوْضِعِ قَتِيلاً فَهُوَ لَوْثٌ فِي حَقِّ ذَلِكَ الرَّجُل.
الْخَامِسُ: أَنْ يَشْهَدَ عَدْلٌ بِأَنَّ زَيْدًا قَتَل فُلاَنًا فَهُوَ لَوْثٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، سَوَاءٌ تَقَدَّمَتْ شَهَادَتُهُ عَلَى الدَّعْوَى أَوْ تَأَخَّرَتْ لِحُصُول الظَّنِّ بِصَدْقِهِ.
قَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: إِنَّمَا تَكُونُ شَهَادَةُ
الصفحة 344