كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)

الثَّالِثُ: أَنْ يُنْكِرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اللَّوْثَ فِي حَقِّهِ كَأَنْ يَقُول: لَمْ أَكُنْ مَعَ الْقَوْمِ الْمُتَفَرِّقِينَ عَنِ الْقَتِيل، أَوْ لَسْتُ أَنَا الَّذِي رُئِيَ مَعَهُ السِّكِّينُ الْمُتَلَطِّخُ بِالدَّمِ عَلَى رَأْسِهِ، أَوْ لَسْتُ أَنَا الْمَرْئِيِّ مِنْ بَعِيدٍ، فَعَلَى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةُ عَلَى الأَْمَارَةِ الَّتِي ادَّعَاهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى نَفْيِهَا وَسَقَطَ اللَّوْثُ وَبَقِيَ مُجَرَّدُ الدَّعْوَى.
وَلَوْ قَال: كُنْتُ غَائِبًا يَوْمَ الْقَتْل أَوِ ادَّعَى عَلَى جَمْعٍ، فَقَال أَحَدُهُمْ: كُنْتُ غَائِبًا يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ، لأَِنَّ الأَْصْل بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنَ الْقَتْل، فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى حُضُورِهِ يَوْمَئِذٍ أَوْ إِقْرَارُهُ بِالْحُضُورِ يَوْمَئِذٍ، وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِغَيْبَتِهِ، قَال النَّوَوِيُّ: فَفِي الْوَسِيطِ تَتَسَاقَطَانِ وَفِي التَّهْذِيبِ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْغَيْبَةِ، لأَِنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ، هَذَا إِذَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ حَاضِرًا مِنْ قَبْل، وَلَوْ أَقَسَمَ الْمُدَّعِي وَحَكَمَ الْقَاضِي بِمُوجَبِ الْقَسَامَةِ، ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً عَلَى غَيْبَتِهِ يَوْمَ الْقَتْل أَوْ أَقَرَّ بِهَا الْمُدَّعِي نُقِضَ الْحُكْمُ وَاسْتَرَدَّ الْمَال (1) ، كَمَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّ الْقَاتِل غَيْرُهُ (2) .

الرَّابِعُ: تَكْذِيبُ بَعْضِ الْوَرَثَةِ بَعْضَهُمْ، فَإِذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ ابْنَانِ فَقَال أَحَدُهُمَا: قَتَل زَيْدٌ أَبَانَا وَقَدْ ظَهَرَ عَلَيْهِ اللَّوْثُ، وَقَال الآْخَرُ: لَمْ
__________
(1) المصدر السابق.
(2) روضة الطالبين 10 / 14.
يَقْتُلْهُ زَيْدٌ بَل كَانَ غَائِبًا يَوْمَ الْقَتْل وَإِنَّمَا قَتَلَهُ فُلاَنٌ، أَوِ اقْتَصَرَ عَلَى نَفْيِ الْقَتْل عَنْ زَيْدٍ، أَوْ قَال: بَرَأَ أَبِي مِنَ الْجِرَاحَةِ أَوْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ بَطَل اللَّوْثُ، فِي الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُكَذِّبُ عَدْلاً أَمْ فَاسِقًا فِي الأَْصَحِّ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ (1) .

الْخَامِسُ: أَنْ يَشْهَدَ عَدْلٌ أَوْ عَدْلاَنِ أَنَّ زَيْدًا قَتَل أَحَدَ هَذَيْنِ الْقَتِيلَيْنِ فَلاَ تُقْبَل هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَلاَ يَكُونُ هَذَا لَوْثًا، وَلَوْ شَهِدَ أَوْ شَهِدَا أَنَّ زَيْدًا قَتَلَهُ أَحَدُ هَذَيْنِ ثَبَتَ اللَّوْثُ فِي حَقِّهِمَا عَلَى الصَّحِيحِ، فَإِذَا عَيَّنَ الْوَلِيُّ أَحَدَهُمَا وَادَّعَى عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يُقْسِمَ، وَقِيل: لاَ لَوْثَ (2) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ كَذَّبَ بَعْضُ الأَْوْلِيَاءِ بَعْضًا فَقَال أَحَدُهُمْ: قَتَلَهُ هَذَا وَقَال آخَرُ: لَمْ يَقْتُلْهُ هَذَا، أَوْ بَل قَتَلَهُ هَذَا لَمْ تَثْبُتِ الْقَسَامَةُ، عَدْلاً كَانَ الْمُكَذِّبُ أَوْ فَاسِقًا لِعَدَمِ التَّعْيِينِ، فَإِنْ لَمْ يُكَذِّبْ أَحَدُهُمَا الآْخَرَ وَلَمْ يُوَافِقْهُ فِي الدَّعْوَى، مِثْل: إِنْ قَال أَحَدُهُمْ: قَتَلَهُ هَذَا، وَقَال الآْخَرُ: لاَ نَعْلَمُ قَاتِلَهُ لَمْ تَثْبُتِ الْقَسَامَةُ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ غَائِبًا فَادَّعَى الْحَاضِرُ دُونَ الْغَائِبِ، أَوِ ادَّعَيَا جَمِيعًا عَلَى وَاحِدٍ وَنَكَل أَحَدُهُمَا عَنِ الأَْيْمَانِ لَمْ يَثْبُتِ الْقَتْل.
__________
(1) روضة الطالبين 10 / 14 - 15.
(2) روضة الطالبين 10 / 14.

الصفحة 348