كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (1) - إِلَى أَنَّ إِزَالَةَ لَوْنِ النَّجَاسَةِ إِنْ كَانَ سَهْلاً وَمُتَيَسِّرًا وَجَبَ إِزَالَتُهُ لأَِنَّ بَقَاءَهُ دَلِيلٌ عَلَى بَقَاءِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ، فَإِنْ تَعَسَّرَ زَوَال اللَّوْنِ وَشَقَّ ذَلِكَ أَوْ خِيفَ تَلَفُ ثَوْبٍ فَإِنَّ الْمَحَل يَطْهُرُ بِالْغَسْل وَلاَ يَضُرُّ بَقَاءُ اللَّوْنِ لِحَدِيثِ أَبِي هَرِيرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ خَوْلَةَ بِنْتَ يَسَارٍ قَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ إِنَّهُ لَيْسَ لِي إِلاَّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَأَنَا أَحِيضُ فِيهِ، قَال: إِذَا طَهُرْتِ فَاغْسِلِيهِ ثُمَّ صَلِّي فِيهِ قَالَتْ: فَإِنْ لَمْ يَخْرُجِ الدَّمُ؟ قَال: يَكْفِيكِ غَسْل الدَّمِ وَلاَ يَضُرُّكِ أَثَرُهُ (2) .
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَلَهُمْ قَوْلاَنِ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ يَعْسُرُ زَوَال النَّجَاسَةِ أَوْ لاَ يَعْسُرُ زَوَالُهَا وَالأَْرْجَحُ عِنْدَهُمُ اشْتِرَاطُ زَوَال اللَّوْنِ مَا لَمْ يَشُقَّ كَمَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ (3) .
4 - وَلاَ يَجِبُ عِنْدَ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ اسْتِعْمَال أُشْنَانٍ وَلاَ صَابُونٍ وَلاَ تَسْخِينُ مَاءٍ لإِِزَالَةِ اللَّوْنِ أَوِ الرِّيحِ الْمُتَعَسِّرِ إِزَالَتُهُ.
لَكِنْ يُسَنُّ ذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِلاَّ إِذَا
__________
(1) منح الجليل 1 / 42، ومغني المحتاج 1 / 85، وكشاف القناع 1 / 183، والمغني 1 / 59.
(2) حديث أبي هريرة أن خولة بنت يسار قالت: " إنه ليس لي إلا ثوب واحد. . . ". أخرجه أبو داود (1 / 257) .
(3) الدر المختار وحاشية ابن عابدين 1 / 218 - 219.
تَعَيَّنَ إِزَالَةُ الأَْثَرِ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجِبُ (1) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنِ اسْتَعْمَل فِي زَوَال الأَْثَرِ شَيْئًا يُزِيلُهُ كَالْمِلْحِ وَغَيْرِهِ فَحَسَنٌ (2) .
5 - وَالْمَصْبُوغُ بِصَبْغٍ نَجِسٍ، قَال الْحَنَفِيَّةُ: يَطْهُرُ بِغَسْلِهِ ثَلاَثًا، وَالأَْوْلَى غَسْلُهُ إِلَى أَنْ يَصْفُوَ الْمَاءُ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا غُسِل بِالْمَاءِ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ وَلاَ يَضُرُّ بَقَاءُ لَوْنِ النَّجَاسَةِ إِذَا تَعَذَّرَ إِزَالَتُهَا.
وَلِلشَّافِعِيَّةِ تَفْصِيلٌ آخَرُ، قَالُوا: يَطْهُرُ بِالْغَسْل مَصْبُوغٌ بِمُتَنَجِّسٍ انْفَصَل عَنْهُ وَلَمْ يَزِدِ الْمَصْبُوغُ وَزْنًا بَعْدَ الْغَسْل عَلَى وَزْنِهِ قَبْل الصَّبْغِ وَإِنْ بَقِيَ اللَّوْنُ لِعُسْرِ زَوَالِهِ، فَإِنْ زَادَ وَزْنُهُ لَمْ يَطْهُرْ، وَإِنْ لَمْ يَنْفَصِل عَنْهُ لِتَعَقُّدِهِ بِهِ لَمْ يَطْهُرْ لِبَقَاءِ النَّجَاسَةِ فِيهِ (3) .
أَثَرُ اللَّوْنِ فِي لُبْسِ الثِّيَابِ
6 - لِلَّوْنِ أَثَرٌ فِي لُبْسِ الثِّيَابِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ بِالإِْبَاحَةِ أَوِ الْكَرَاهَةِ أَوِ التَّحْرِيمِ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (أَلْبِسَةٌ ف 6 وَمَا بَعْدَهَا) .
أَثَرُ تَغَيُّرِ اللَّوْنِ فِي الْجِنَايَةِ
7 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يَجِبُ بِتَغَيُّرِ اللَّوْنِ فِي
__________
(1) مغني المحتاج 1 / 85، وحاشية ابن عابدين 1 / 219، ومنح الجليل 1 / 42.
(2) المغني 1 / 59.
(3) الدر المختار وحاشية ابن عابدين 1 / 219، ومنح الجليل 1 / 42، ومغني المحتاج 1 / 85.
الصفحة 352