كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)

الْجِنَايَةِ: فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: مَنْ جَنَى عَلَى سِنِّ شَخْصٍ وَلَمْ تُقْلَعْ وَإِنَّمَا تَغَيَّرَ لَوْنُهَا، فَإِنْ كَانَ التَّغَيُّرُ إِلَى السَّوَادِ أَوْ إِلَى الْحُمْرَةِ أَوْ إِلَى الْخُضْرَةِ فَفِيهَا الأَْرْشُ تَامًّا، لأَِنَّهُ ذَهَبَتْ مَنْفَعَتُهَا، وَذَهَابُ مَنْفَعَةِ الْعُضْوِ بِمَنْزِلَةِ ذَهَابِ الْعُضْوِ، وَإِنْ كَانَ التَّغَيُّرُ إِلَى الصُّفْرَةِ فَفِيهَا حُكُومَةُ الْعَدْل، لأَِنَّ الصُّفْرَةَ لاَ تُوجِبُ فَوَاتَ الْمَنْفَعَةِ، وَإِنَّمَا تُوجِبُ نُقْصَانَهَا فَتُوجِبُ حُكُومَةَ الْعَدْل، وَقَال زُفَرُ فِي الصُّفْرَةِ الأَْرْشُ تَامًّا كَمَا فِي السَّوَادِ، لأَِنَّ كُل ذَلِكَ يُفَوِّتُ الْجَمَال. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إِنْ كَانَتِ الصُّفْرَةُ كَثِيرَةً حَتَّى تَكُونَ عَيْبًا كَعَيْبِ الْحُمْرَةِ وَالْخُضْرَةِ فَفِيهَا عَقْلُهَا تَامًّا، قَال الْكَاسَانِيُّ: وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا قَوْلَهُمْ جَمِيعًا، وَلَوْ سَقَطَتِ السِّنُّ بِالْجِنَايَةِ فَنَبَتَتْ مَكَانَهَا سِنٌّ أُخْرَى مُتَغَيِّرَةٌ بِأَنْ نَبَتَتْ سَوْدَاءَ أَوْ حَمْرَاءَ أَوْ خَضْرَاءَ أَوْ صَفْرَاءَ فَحُكْمُهَا حُكْمُ مَا لَوْ كَانَتْ قَائِمَةً فَتَغَيَّرَتْ بِالضَّرْبَةِ لأَِنَّ النَّابِتَ قَامَ مَقَامَ الذَّاهِبِ، فَكَأَنَّ الأُْولَى قَائِمَةً وَتَغَيَّرَتْ.
وَالظُّفُرُ إِذَا جَنَى عَلَيْهِ شَخْصٌ فَقَلَعَهُ فَنَبَتَ مَكَانَهُ ظُفُرٌ آخَرُ: فَإِنْ نَبَتَ أَسْوَدَ فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِمَا أَصَابَ مِنَ الأَْلَمِ بِالْجِرَاحَةِ الأُْولَى (1) .
__________
(1) بدائع الصنائع 7 / 315، 323.
وَلَوْ حَلَقَ شَخْصٌ رَأْسَ رَجُلٍ شَعَرُهُ أَسْوَدُ فَنَبَتَ الشَّعَرُ أَبْيَضَ فَقَال أَبُو يُوسُفَ فِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ، لأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الشَّعَرِ الزِّينَةُ، وَالزِّينَةُ مُعْتَبَرَةٌ فَلاَ يَقُومُ النَّابِتُ مَقَامَ الْفَائِتِ، وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: لاَ شَيْءَ فِيهِ، لأَِنَّ الشَّيْبَ لَيْسَ بِعَيْبٍ، بَل هُوَ جَمَالٌ وَكَمَالٌ فَلاَ يَجِبُ بِهِ أَرْشٌ (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ جَنَى عَلَى سِنٍّ وَكَانَتْ بَيْضَاءَ فَتَغَيَّرَ لَوْنُهَا إِلَى السَّوَادِ فَفِيهَا خَمْسٌ مِنَ الإِْبِل وَإِنْ تَغَيَّرَ لَوْنُهَا إِلَى الْحُمْرَةِ أَوْ إِلَى الصُّفْرَةِ فَإِنْ كَانَتِ الْحُمْرَةُ أَوِ الصُّفْرَةُ كَالسَّوَادِ فِي إِذْهَابِ الْجَمَال فَفِيهَا خَمْسٌ مِنَ الإِْبِل كَالتَّغَيُّرِ إِلَى السَّوَادِ وَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْحُمْرَةُ أَوِ الصُّفْرَةُ كَالسَّوَادِ فِي إِذْهَابِ الْجَمَال فَفِيهَا بِحِسَابِ مَا نَقَصَ، وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إِنِ اصْفَرَّتِ السِّنُّ فَفِيهَا بِقَدْرِ شَيْنِهَا لاَ يَكْمُل عَقْلُهَا حَتَّى تَسْوَدَّ لاَ بِتَغَيُّرِهَا، وَقَال أَصْبَغُ: فِي اخْضِرَارِهَا أَكْثَرُ مِمَّا فِي احْمِرَارِهَا وَفِي احْمِرَارِهَا أَكْثَرُ مِمَّا فِي اصْفِرَارِهَا.
وَمَنْ أَطْعَمَتْ زَوْجُهَا مَا اسْوَدَّ بِهِ لَوْنُهُ فَعِنْدَ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ عَلَيْهَا الدِّيَةُ قِيَاسًا عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ تَسْوِيدِ السِّنِّ، وَقَال بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ إِنَّ هُنَاكَ فَارِقًا بَيْنَ الأَْمْرَيْنِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الشَّأْنَ
__________
(1) بدائع الصنائع 7 / 324.

الصفحة 353