كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)
الْغَاصِبُ بِفَصْلِهِ وَلاَ يُجْبِرُهُ الْمَالِكُ عَلَيْهِ، وَمُقَابِل الأَْصَحِّ لاَ، لِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِ الْغَاصِبِ لأَِنَّهُ يَضِيعُ بِفَصْلِهِ.
وَخَرَجَ بِصَبْغِهِ صَبْغُ الْمَالِكِ فَالزِّيَادَةُ كُلُّهَا لَهُ وَالنَّقْصُ عَلَى الْغَاصِبِ، وَيَمْتَنِعُ فَصْلُهُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمَالِكِ وَلَهُ إِجْبَارُهُ عَلَيْهِ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ، وَصَبْغُ مَغْصُوبٍ مِنْ آخَرِ فَلِكُلٍّ مِنْ مَالِكَيِ الثَّوْبِ وَالصِّبْغِ تَكْلِيفُهُ فَصْلاً أَمْكَنَ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَهُمَا فِي الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ كَمَا فِي قَوْلِهِ.
وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَصْلُهُ لِتَعَقُّدِهِ فَإِنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ وَلَمْ تَنْقُصْ بِأَنْ كَانَ يُسَاوِي عَشَرَةً قَبْلَهُ وَسَاوَاهَا بَعْدَهُ مَعَ أَنَّ الصِّبْغَ قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ لاَ لاِنْخِفَاضِ سُوقِ الثِّيَابِ بَل لأَِجْل الصِّبْغِ فَلاَ شَيْءَ لِلْغَاصِبِ فِيهِ وَلاَ عَلَيْهِ، إِذْ غَصْبُهُ كَالْمَعْدُومِ حِينَئِذٍ وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِأَنْ صَارَ يُسَاوِي خَمْسَةً لَزِمَهُ الأَْرْشُ لِحُصُول النَّقْصِ بِفِعْلِهِ، وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ بِسَبَبِ الْعَمَل وَالصَّبْغِ اشْتَرَكَا فِي الثَّوْبِ هَذَا بِصَبْغِهِ وَهَذَا بِثَوْبِهِ أَثَلاَثًا، ثُلُثَاهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَثُلُثٌ لِلْغَاصِبِ، أَمَّا إِذَا زَادَ سِعْرُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ بِارْتِفَاعِهِ فَالزِّيَادَةُ لِصَاحِبِهِ، وَإِنْ نَقَصَ عَنِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ قِيمَتَهَا كَأَنْ سَاوَى اثْنَيْ عَشَرَ، فَإِنْ كَانَ النَّقْصُ بِسَبَبِ انْخِفَاضِ سِعْرِ الثِّيَابِ فَهُوَ عَلَى الثَّوْبِ، أَوْ سِعْرِ الصِّبْغِ أَوْ
بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ فَعَلَى الصِّبْغِ، قَالَهُ فِي الشَّامِل وَالتَّتِمَّةِ، وَبِهَذَا أَيِ اخْتِصَاصِ الزِّيَادَةِ عَنِ ارْتِفَاعِ سِعْرِ مِلْكِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ مَعْنَى اشْتَرَاكِهِمَا كَوْنُهُ عَلَى وَجْهِ الشُّيُوعِ بَل هَذَا بِثَوْبِهِ وَهَذَا بِصِبْغِهِ.
وَلَوْ بَذَل صَاحِبُ الثَّوْبِ لِلْغَاصِبِ قِيمَةَ الصِّبْغِ لِيَتَمَلَّكَهُ لَمْ يُجَبْ إِلَيْهِ أَمْكَنَ فَصْلُهُ أَمْ لاَ، وَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا الاِنْفِرَادَ بِبَيْعِ مِلْكِهِ لِثَالِثٍ لَمْ يَصِحَّ، إِذْ لاَ يَنْتَفِعُ بِهِ وَحْدَهُ كَبَيْعِ دَارٍ لاَ مَمَرَّ لَهَا، نَعَمْ لَوْ أَرَادَ الْمَالِكُ بَيْعَ الثَّوْبِ لَزِمَ الْغَاصِبَ بَيْعُ صِبْغِهِ مَعَهُ لأَِنَّهُ مُتَعَدٍّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَضُرَّ بِالْمَالِكِ، بِخِلاَفِ مَا لَوْ أَرَادَ الْغَاصِبُ بَيْعَ صِبْغِهِ لاَ يَلْزَمُ مَالِكَ الثَّوْبِ بَيْعُهُ مَعَهُ لِئَلاَّ يَسْتَحِقَّ الْمُتَعَدِّي بِتَعَدِّيهِ إِزَالَةَ مِلْكِ غَيْرِهِ.
وَلَوْ طَيَّرَتِ الرِّيحُ ثَوْبًا إِلَى مَصْبَغَةِ آخَرَ فَانْصَبَغَ فِيهَا اشْتَرَكَا فِي الْمَصْبُوغِ وَلَمْ يُكَلَّفْ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ وَلاَ الْفَصْل وَلاَ الأَْرْشَ وَإِنْ حَصَل نَقْصٌ إِذْ لاَ تَعَدِّيَ (1) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ الْغَاصِبُ بِصِبْغِهِ فَنَقَصَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ وَالصِّبْغِ أَوْ نَقَصَ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ النَّقْصَ لأَِنَّهُ حَصَل بِتَعَدِّيهِ فَضَمِنَهُ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَ بَعْضَهُ، وَإِنْ كَانَ النَّقْصُ بِسَبَبِ تَغَيُّرِ الأَْسْعَارِ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَإِنْ
__________
(1) نهاية المحتاج 5 / 182.
الصفحة 357