كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)

لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُمَا وَلَمْ تَزِدْ أَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُمَا فَهُمَا أَيْ رَبُّ الثَّوْبِ وَالصِّبْغِ شَرِيكَانِ فِي الثَّوْبِ وَصِبْغُهُ بِقَدْرِ مِلْكَيْهِمَا، فَيُبَاعُ ذَلِكَ وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَى قَدْرِ الْقِيمَتَيْنِ، وَإِنْ زَادَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا مِنْ ثَوْبٍ أَوْ صِبْغٍ فَالزِّيَادَةُ لِصَاحِبِهِ يَخْتَصُّ بِهَا، لأَِنَّ الزِّيَادَةَ تَبَعٌ لِلأَْصْل، هَذَا إِذَا كَانَتِ الزِّيَادَةُ لِغُلُوِّ سِعْرٍ، فَإِنْ حَصَلَتِ الزِّيَادَةُ بِالْعَمَل فَهِيَ بَيْنَهُمَا، لأَِنَّ مَا عَمِلَهُ الْغَاصِبُ فِي الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ لِمَالِكِهَا حَيْثُ كَانَ أَثَرًا، وَزِيَادَةُ مَال الْغَاصِبِ لَهُ، وَإِنْ أَرَادَ مَالِكُ الثَّوْبِ أَوِ الْغَاصِبُ قَلْعَ الصِّبْغِ مِنَ الثَّوْبِ لَمْ يُجْبَرِ الآْخَرُ عَلَيْهِ، لأَِنَّ فِيهِ إِتْلاَفًا لِمِلْكِهِ، وَإِنْ أَرَادَ مَالِكُ الثَّوْبِ بَيْعَ الثَّوْبِ فَلَهُ ذَلِكَ لأَِنَّهُ مَلَكَهُ وَهُوَ عَيْنٌ، وَصِبْغُهُ بَاقٍ لِلْغَاصِبِ، وَلَوْ أَبَى الْغَاصِبُ بَيْعَ الثَّوْبِ فَلاَ يُمْنَعُ مِنْهُ مَالِكُهُ، لأَِنَّهُ لاَ حَجْرَ لَهُ عَلَيْهِ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ أَرَادَ الْغَاصِبُ بَيْعَ الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ لَمْ يُجْبَرِ الْمَالِكُ لِحَدِيثِ: إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ (1) ، وَإِنْ بَذَل الْغَاصِبُ لِرَبِّ الثَّوْبِ قِيمَتَهُ لِيَمْلِكَهُ، أَوْ بَذَل رَبُّ الثَّوْبِ قِيمَةَ الصِّبْغِ لِلْغَاصِبِ لِيَمْلِكَهُ، لَمْ يُجْبَرِ الآْخَرُ لأَِنَّهَا مُعَاوَضَةٌ لاَ تَجُوزُ إِلاَّ بِتَرَاضِيهِمَا.
وَصَحَّحَ الْحَارِثِيُّ أَنَّ لِمَالِكِ الثَّوْبِ تَمَلُّكَ
__________
(1) حديث: " إنما البيع عن تراض ". أخرجه ابن ماجه (2 / 737) من حديث أبي سعيد الخدري، وصحح إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (2 / 10) .
الصِّبْغِ بِقِيمَتِهِ، لِيَتَخَلَّصَ مِنَ الضَّرَرِ.
وَإِنْ وَهَبَ الْغَاصِبُ الصِّبْغَ لِمَالِكِ الثَّوْبِ لَزِمَ الْمَالِكَ قَبُولُهُ لأَِنَّهُ صَارَ مِنْ صِفَاتِ الْعَيْنِ، فَهُوَ كَزِيَادَةِ الصِّفَةِ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ.
وَإِنْ غَصَبَ صِبْغًا فَصَبَغَ بِهِ الْغَاصِبُ ثَوْبَهُ فَهُمَا شَرِيكَانِ بِقَدْرِ حَقَّيْهِمَا فِي ذَلِكَ فَيُبَاعُ وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَى قَدْرِ الْحَقَّيْنِ، لأَِنَّهُ بِذَلِكَ يَصِل كُلٌّ مِنْهُمَا لِحَقِّهِ، وَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ النَّقْصَ إِنْ وُجِدَ لِحُصُولِهِ بِفِعْلِهِ، وَلاَ شَيْءَ لَهُ إِنْ زَادَ الْمَغْصُوبُ فِي نَظِيرِ عَمَلِهِ لِتَبَرُّعِهِ بِهِ.
وَإِنْ غَصَبَ ثَوْبًا وَصِبْغًا مِنْ وَاحِدٍ فَصَبَغَهُ بِهِ رَدَّهُ الْغَاصِبُ وَرَدَّ أَرْشَ نَقْصِهِ إِنْ نَقَصَ لِتَعَدِّيهِ بِهِ وَلاَ شَيْءَ لَهُ فِي زِيَادَتِهِ بِعَمَلِهِ فِيهِ، لأَِنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنَ اثْنَيْنِ اشْتَرَكَا فِي الأَْصْل وَالزِّيَادَةِ بِالْقِيمَةِ، وَمَا نَقَصَ مِنْ أَحَدِهِمَا غَرِمَهُ الْغَاصِبُ، وَإِنْ نَقَصَ السِّعْرُ لِنَقْصِ سِعْرِ الثِّيَابِ أَوِ الصِّبْغِ أَوْ لِنَقْصِ سِعْرِهِمَا لَمْ يَضْمَنْهُ الْغَاصِبُ، وَنَقْصُ كُل وَاحِدٍ مِنْهَا مِنْ صَاحِبِهِ، وَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا قَلْعَ الصِّبْغِ لَمْ يُجْبَرِ الآْخَرُ (1) .

أَثَرُ اخْتِلاَفِ اللَّوْنِ فِي ضَمَانِ الأَْجِيرِ
9 - ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ مَنْ دَفَعَ ثَوْبًا إِلَى صَبَّاغٍ لِيَصْبُغَهُ لَوْنًا مُعَيَّنًا فَصَبَغَهُ لَوْنًا آخَرَ فَصَاحِبُ
__________
(1) كشاف القناع 4 / 95 - 96.

الصفحة 358