كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)

الدَّارَ بِعَيْنِهَا الَّتِي حَلَفَ عَلَيْهَا أَوَّل مَرَّةٍ؟ قَال: قَال مَالِكٌ: إِنَّمَا عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ (1) . وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا قَال: عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ وَذِمَّتُهُ وَأَمَانَتُهُ وَكَفَالَتُهُ لأََفْعَلَنَّ كَذَا، فَإِنْ نَوَى الْيَمِينَ فَيَمِينٌ وَاحِدَةٌ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ الأَْلْفَاظِ تَأْكِيدٌ، كَقَوْلِهِ: وَاللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لاَ يَتَعَلَّقُ بِالْحِنْثِ فِيهَا إِلاَّ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ (2) .
وَقَال الْبُهُوتِيُّ: وَمَنْ كَرَّرَ يَمِينًا مُوجِبُهَا وَاحِدٌ عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ كَقَوْلِهِ: وَاللَّهِ لاَ آكُل وَاللَّهِ لاَ آكُل فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لأَِنَّ سَبَبَهَا وَاحِدٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ التَّأْكِيدَ (3) .

الْقَوْل الثَّانِي: وَهُوَ لِلْحَنَفِيَّةِ، وَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَ مَا إِذَا كَرَّرَ الْمُقْسَمَ بِهِ - وَهُوَ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى - وَلَمْ يَذْكُرِ الْمُقْسَمَ عَلَيْهِ حَتَّى ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى ثَانِيًا، ثُمَّ ذَكَرَ الْمُقْسَمَ عَلَيْهِ، كَأَنْ يَقُول: وَاللَّهِ اللَّهِ لاَ أَفْعَل كَذَا وَكَذَا، أَوْ يَقُول: وَاللَّهِ وَاللَّهِ لاَ أَفْعَل كَذَا وَكَذَا، وَبَيْنَ مَا إِذَا ذَكَرَهُمَا جَمِيعًا، ثُمَّ أَعَادَهُمَا جَمِيعًا، كَأَنْ يَقُول: وَاللَّهِ لاَ أَفْعَل كَذَا اللَّهِ لاَ أَفْعَل كَذَا، أَوْ يَقُول: وَاللَّهِ لاَ أَفْعَل كَذَا وَاللَّهِ لاَ أَفْعَل كَذَا. وَفِي الْحَالَتَيْنِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ التَّكْرَارُ بِحَرْفِ
__________
(1) المدونة الكبرى 3 / 115.
(2) روضة الطالبين 11 / 16.
(3) كشاف القناع 6 / 224.
الْعَطْفِ أَوْ بِدُونِهِ، كَمَا ذُكِرَ فِي الأَْمْثِلَةِ. فَإِذَا كَانَ تَكْرَارُ الْمُقْسَمِ بِهِ بِدُونِ حَرْفِ عَطْفٍ - كَمَا فِي الْمِثَال الأَْوَّل - كَانَتْ يَمِينًا وَاحِدَةً بِلاَ خِلاَفٍ فِي الْمَذْهَبِ، سَوَاءٌ كَانَ الاِسْمُ مُتَّفِقًا كَمَا ذُكِرَ أَوْ مُخْتَلِفًا كَقَوْلِهِ: وَاللَّهِ الرَّحْمَنِ لاَ أَفْعَل كَذَا وَكَذَا. أَمَّا إِذَا دَخَل بَيْنَ الْقِسْمَيْنِ حَرْفُ عَطْفٍ - كَمَا فِي الْمِثَال الثَّانِي - فَهُمَا يَمِينَانِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ (1) . وَإِذَا كَانَ تَكْرَارُهُمَا جَمِيعًا، كَمَا إِذَا ذَكَرَهُمَا جَمِيعًا ثُمَّ أَعَادَهُمَا فَهُمَا يَمِينَانِ، سَوَاءٌ ذَكَرَهُمَا بِحَرْفِ الْعَطْفِ أَوْ بِدُونِهِ، كَمَا فِي الأَْمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسَيْنِ أَوْ فِي
__________
(1) وروى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة، أنه يكون يمينًا واحدة، وبه أخذ زفر، وقد روى هذا - أيضًا - عن أبي يوسف في غير رواية الأصول، وهو رواية محمد في النوادر، ومروي عنه في المنتقى. وجه رواية الحسن: أن حرف العطف قد يستعمل للاستئناف، وقد يستعمل للصفة، فإنه ي

الصفحة 46