كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)
كُل وَاحِدٍ مِنَ الْجَمَاعَةِ إِذَا اشْتَرَكُوا، كَكَفَّارَةِ الطِّيبِ لِلْمُحْرِمِ.
وَبِأَنَّهَا لاَ تَتَبَعَّضُ، وَهِيَ مِنْ مُوجِبِ قَتْل الآْدَمِيِّ، فَكَمُلَتْ فِي حَقِّ كُل وَاحِدٍ مِنَ الْمُشْتَرِكِينَ كَالْقِصَاصِ (1) .
وَذَهَبَ أَبُو ثَوْرٍ وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْجَمِيعِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ حِكَايَةٌ عَنِ الأَْوْزَاعِيِّ، وَحَكَاهُ أَبُو الْخَطَّابِ عَنْ أَحْمَدَ (2)
وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَل مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} .
وَذَلِكَ أَنَّ لَفْظَةَ (مَنْ) تَتَنَاوَل كُل قَاتِلٍ، الْوَاحِدَ وَالْجَمَاعَةَ وَلَمْ تُوجِبِ الآْيَةُ إِلاَّ كَفَّارَةً وَاحِدَةً وَدِيَةً، وَالدِّيَةُ لاَ تَتَعَدَّدُ فَكَذَلِكَ لاَ تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ.
وَلأَِنَّهَا كَفَّارَةُ قَتْلٍ فَلَمْ تَتَعَدَّدْ بِتَعَدُّدِ الْقَاتِلِينَ مَعَ اتِّحَادِ الْمَقْتُول، كَكَفَّارَةِ الصَّيْدِ الْحَرَمِيِّ (3) .
تَعَدُّدُ الْكَفَّارَةِ بِتَعَدُّدِ الْقَتْلَى وَالْقَاتِل وَاحِدٌ
19 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمَقْتُولِينَ، قَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوِ اصْطَدَمَتْ حَامِلاَنِ وَأَسْقَطَتَا جَنِينَيْهِمَا وَمَاتَتَا فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا
__________
(1) مغني المحتاج 4 / 108، والمغني 8 / 96.
(2) المغني 8 / 95، ومغني المحتاج 4 / 108.
(3) المغني 8 / 95، 96.
فِي تَرِكَتِهَا أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ عَلَى الصَّحِيحِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ عَلَى قَاتِل نَفْسِهِ، وَأَنَّهَا لاَ تَتَجَزَّأُ، فَتَجِبُ عَلَى كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا كَفَّارَةٌ لِنَفْسِهَا وَثَانِيَةٌ لِجَنِينِهَا وَثَالِثَةٌ لِصَاحِبَتِهَا وَرَابِعَةٌ لِجَنِينِهَا لأَِنَّهُمَا اشْتَرَكَتَا فِي إِهْلاَكِ أَرْبَعَةِ أَنْفُسٍ، وَمُقَابِل الصَّحِيحِ: تَجِبُ كَفَّارَتَانِ (1) .
ثَالِثًا: الإِْفْطَارُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ:
20 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ جَامَعَ فِي الْفَرْجِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ عَامِدًا بِغَيْرِ عُذْرٍ أَنْزَل أَمْ لَمْ يُنْزِل (2) .
كَمَا لاَ خِلاَفَ بَيْنَهُمْ فِي عَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَى مَنْ جَامَعَ فِي الْفَرْجِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ وَنَحْوِهِ. وَإِنَّمَا الْخِلاَفُ بَيْنَهُمْ فِي وُجُوبِهَا عَلَى مَنْ جَامَعَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ إِذَا اقْتَرَنَ بِهِ إِنْزَالٌ.
كَمَا اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِهَا عَلَى مَنْ جَامَعَ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ مُخْطِئًا أَوْ جَاهِلاً، وَفِي وُجُوبِهَا بِتَعَمُّدِ الإِْفْطَارِ بِغَيْرِ الْجِمَاعِ كَالأَْكْل وَالشُّرْبِ وَنَحْوِهِمَا لِغَيْرِ عُذْرٍ.
وَسَنَعْرِضُ هَذَا الْخِلاَفَ فِي الْفُرُوعِ الآْتِيَةِ:
الْكَفَّارَةُ بِالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ:
21 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ:
__________
(1) مغني المحتاج 4 / 91، وحاشية الباجوري على ابن قاسم 2 / 143، 66، والمغني لابن قدامة 7 / 358.
(2) المغني 3 / 120 - 121.
الصفحة 55