كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)

فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ، وَرَوَاهُ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ لاَ فَرْقَ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بَيْنَ كَوْنِ الْفَرْجِ قُبُلاً أَوْ دُبُرًا، مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (1) . وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ أَفْسَدَ صَوْمَ رَمَضَانَ بِجِمَاعٍ فِي الْفَرْجِ فَأَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ كَالْوَطْءِ (2) .
وَبِأَنَّ الْجَمِيعَ وَطْءٌ، وَلأَِنَّ الْجَمِيعَ فِي إِيجَابِ الْحَدِّ وَاحِدٌ، فَكَذَلِكَ إِفْسَادُ الصَّوْمِ وَإِيجَابُ الْكَفَّارَةِ (3) ، وَبِأَنَّهُ مَحِلٌّ مُشْتَهًى، فَتَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ كَالْوَطْءِ فِي الْقُبُل (4) .
وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْوَطْءَ فِي الدُّبُرِ لاَ يُوجِبُ كَفَّارَةً، لِقُصُورِ الْجِنَايَةِ لأَِنَّ الْمَحِل مُسْتَقْذَرٌ، وَمَنْ لَهُ طَبِيعَةٌ سَلِيمَةٌ لاَ يَمِيل إِلَيْهِ، فَلاَ يَسْتَدْعِي زَاجِرًا، لِلاِمْتِنَاعِ بِدُونِهِ، فَصَارَ كَالْحَدِّ فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ (5) .

الْكَفَّارَةُ بِوَطْءِ الْبَهِيمَةِ
22 - وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِالْوَطْءِ فِي فَرْجِ الْبَهِيمَةِ فِيهِ قَوْلاَنِ:

الأَْوَّل: لاَ تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ، وَهُوَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَحَكَاهُ الدَّارِمِيُّ عَنْ أَبِي عَلِيِّ بْنِ
__________
(1) المجموع 6 / 341، والمغني 3 / 122، وتبيين الحقائق 1 / 327.
(2) المغني 3 / 122.
(3) المجموع 6 / 341.
(4) تبيين الحقائق 1 / 327.
(5) المرجع نفسه.
خَيْرَانَ وَأَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ (1) . وَاسْتَدَلُّوا: بِأَنَّهُ لاَ نَصَّ فِيهِ، وَلاَ هُوَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِوَطْءِ الآْدَمِيَّةِ فِي إِيجَابِ الْحَدِّ وَفِي كَثِيرٍ مِنْ أَحْكَامِهِ (2) .
وَسَوَاءٌ فِي هَذَا كُلِّهِ أَنْزَل أَمْ لاَ (3) .

الثَّانِي: تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَبِهِ قَال الْمَالِكِيَّةُ، لأَِنَّهُ وَطْءٌ فِي فَرْجٍ مُوجِبٍ لِلْغُسْل، مُفْسِدٌ لِلصَّوْمِ، فَأَشْبَهَ وَطْءَ الآْدَمِيَّةِ (4) .

وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ بَاشَرَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ
23 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْمُبَاشَرَةَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ إِذَا لَمْ يَقْتَرِنْ بِهَا الإِْنْزَال لاَ تُوجِبُ الْكَفَّارَةَ.
وَإِنَّمَا الْخِلاَفُ بَيْنَهُمْ فِيمَا إِذَا اقْتَرَنَ بِهَا الإِْنْزَال عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْل الأَْوَّل: عَدَمُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِالإِْنْزَال بِالْمُبَاشَرَةِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ.
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ (5) ، وَالشَّافِعِيَّةُ (6) ،
__________
(1) تبيين الحقائق 1 / 327، والمجموع 6 / 341، والمغني 2 / 123.
(2) المغني 3 / 123.
(3) المجموع 6 / 341.
(4) المجموع 6 / 341، وحاشية الدسوقي 1 / 522.
(5) تبيين الحقائق 1 / 329.
(6) المجموع 6 / 341.

الصفحة 56