كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)

مِلْكِ الْغَيْرِ، وَلاَ يَجِبُ فِيمَا سِوَاهُ فَبَقِيَ عَلَى الأَْصْل، وَإِنْ بَلَغَ ذَلِكَ السُّلْطَانَ عَزَّرَهُ، لأَِنَّهُ مُحَرَّمٌ لَيْسَ فِيهِ حَدٌّ وَلاَ كَفَّارَةٌ، فَثَبَتَ فِيهِ التَّعْزِيرُ، كَالْمُبَاشَرَةِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ مِنَ الأَْجْنَبِيَّةِ (1) .
وَبِأَنَّهُ أَفْطَرَ بِغَيْرِ جِمَاعٍ، فَلَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ الْكَفَّارَةَ، كَبَلْعِ الْحَصَاةِ أَوِ التُّرَابِ، أَوْ كَالرَّدَّةِ عِنْدَ مَالِكٍ، وَلأَِنَّهُ لاَ نَصَّ فِي إِيجَابِ الْكَفَّارَةِ بِهَذَا، وَلاَ إِجْمَاعَ.
وَلاَ يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى الْجِمَاعِ، لأَِنَّ الْحَاجَةَ إِلَى الزَّجْرِ عَنْهُ أَمَسُّ، وَالْحُكْمُ فِي التَّعَدِّي بِهِ آكَدُ، وَلِهَذَا يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ إِذَا كَانَ مُحْرِمًا وَيَخْتَصُّ بِإِفْسَادِ الْحَجِّ دُونَ سَائِرِ مَحْظُورَاتِهِ، وَوُجُوبِ الْبَدَنَةِ، وَلأَِنَّهُ فِي الْغَالِبِ يُفْسِدُ صَوْمَ اثْنَيْنِ بِخِلاَفِ غَيْرِهِ (2) .

وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِالإِْكْرَاهِ عَلَى الْجِمَاعِ:
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الرَّجُل أَوِ الْمَرْأَةِ إِذَا أُكْرِهَا عَلَى الْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ.

أ - إِذَا كَانَ الْمُكْرَهُ رَجُلاً:
26 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الرَّجُل الْمُكْرَهِ عَلَى الْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ عَلَى قَوْلَيْنِ.
__________
(1) المجموع 6 / 328.
(2) المغني 3 / 116.
الْقَوْل الأَْوَّل: عَدَمُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الرَّجُل الْمُكْرَهِ عَلَى الْجِمَاعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ (1) ، وَالْمَالِكِيَّةُ (2) ، وَالشَّافِعِيَّةُ (3) ، وَهُوَ رِوَايَةُ أَبِي الْخَطَّابِ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ (4) .
وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ (5) .
وَبِأَنَّ الْكَفَّارَةَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ عُقُوبَةً أَوْ مَاحِيَةً لِلذَّنْبِ، وَلاَ حَاجَةَ إِلَيْهَا مَعَ إِكْرَاهٍ، لِعَدَمِ الإِْثْمِ فِيهِ (6) .
وَبِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِيهِ، وَلاَ يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى مَا وَرَدَ الشَّرْعُ فِيهِ، لاِخْتِلاَفِهِمَا فِي وُجُودِ الْعُذْرِ وَعَدَمِهِ (7) .
وَبِأَنَّ فَسَادَ الصَّوْمِ يَتَحَقَّقُ بِالإِْيلاَجِ، وَهُوَ مُكْرَهٌ فِيهِ، لأَِنَّهُ لَيْسَ كُل مَنِ انْتَشَرَتْ آلَتُهُ يُجَامِعُ (8) .
__________
(1) تبيين الحقائق 1 / 327، وابن عابدين 2 / 101، 102.
(2) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير 1 / 527، ومواهب الجليل للحطاب 2 / 437.
(3) مغني المحتاج 1 / 443، والشرواني على تحفة المحتاج 3 / 447، وأسنى المطالب 1 / 425
(4) المغني 3 / 124.
(5) حديث: " إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان. . . ". تقدم فقرة 24.
(6) المغني 3 / 124.
(7) المغني 3 / 124، 125.
(8) شرح فتح القدير لابن الهمام 2 / 255، وتبيين الحقائق 1 / 322.

الصفحة 61