كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)
ج - كَفَّارَةُ مَنْ جَامَعَ يَظُنُّ عَدَمَ طُلُوعِ الْفَجْرِ
30 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ جَامَعَ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّ الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ بَعْدُ، فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ قَدْ طَلَعَ، عَلَى مَذْهَبَيْنِ:
الْمَذْهَبُ الأَْوَّل: لاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ.
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَبِهِ قَال ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَعَطَاءٌ، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالزُّهْرِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَالْحَسَنُ (1) .
وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ (2) .
وَلأَِنَّ الْكَفَّارَةَ لِرَفْعِ الْمَأْثَمِ وَهُوَ مَحْطُوطٌ عَنِ الْمُخْطِئِ (3) .
وَبِأَنَّهُ جَامَعَ وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ يَحِل لَهُ ذَلِكَ، وَكَفَّارَةُ الصَّوْمِ عُقُوبَةٌ تَجِبُ مَعَ الْمَأْثَمِ، فَلاَ تَجِبُ مَعَ اعْتِقَادِ الإِْبَاحَةِ كَالْحَدِّ، لأَِنَّهُ مَعْذُورٌ. وَأَنَّهُ بَنَى الأَْمْرَ عَلَى الأَْصْل، فَلاَ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ لِتَصَوُّرِ الْجِنَايَةِ لأَِنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدِ انْتِهَاكَ
__________
(1) تبيين الحقائق 1 / 242، ومواهب الجليل 2 / 427، 428، والمجموع 6 / 307 - 309.
(2) حديث: " إن الله وضع عن أمتي. . . ". تقدم تخريجه ف 24.
(3) تبيين الحقائق 1 / 322.
حُرْمَةِ الصَّوْمِ بِالْجِمَاعِ (1) .
الْمَذْهَبُ الثَّانِي: عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ.
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ (2) .
وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ الْمُجَامِعِ الْمَذْكُورِ آنِفًا حَيْثُ أَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّكْفِيرِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ وَلاَ تَفْصِيلٍ.
وَبِأَنَّهُ أَفْسَدَ صَوْمَ رَمَضَانَ بِجِمَاعِ تَامٍّ، فَوَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ كَمَا لَوْ عَلِمَ (3) .
أَثَرُ الْعَارِضِ فِي سُقُوطِ الْكَفَّارَةِ
31 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي سُقُوطِ الْكَفَّارَةِ عَمَّنْ جَامَعَ فِي أَوَّل النَّهَارِ، ثُمَّ مَرِضَ أَوْ جُنَّ، أَوْ كَانَتِ امْرَأَةٌ فَحَاضَتْ أَوْ نُفِسَتْ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْل الأَْوَّل: عَدَمُ سُقُوطِ الْكَفَّارَةِ بِحُدُوثِ الْعَارِضِ.
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْظْهَرِ، وَبِهِ قَال اللَّيْثُ وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَأَبُو ثَوْرٍ (4) .
وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ مَعْنًى طَرَأَ بَعْدَ وُجُوبِ
__________
(1) المجموع 6 / 337، 338، 340، وتبيين الحقائق 1 / 342، ومواهب الجليل 1 / 427، 438.
(2) المغني 3 / 126.
(3) المغني 3 / 127.
(4) المدونة 1 / 221، والمغني 2 / 125، والمجموع 6 / 340، 351.
الصفحة 65