كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)

وَقَدْ لَبَّى عِنْدَهُ، فَقَدْ خَرَجَ الْمِيقَاتُ الْمَعْهُودُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِيقَاتًا لِلإِْحْرَامِ فِي حَقِّهِ، فَلِهَذَا لاَ يَضُرُّهُ تَرْكُ التَّلْبِيَةِ عِنْدَهُ، بِخِلاَفِ مَا نَحْنُ فِيهِ (1) .

وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ غَسَل رَأْسَهُ بِالْخَطْمِيِّ وَالسِّدْرِ:
49 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ اغْتِسَال الْمُحْرِمِ بِالْمَاءِ وَالاِنْغِمَاسِ فِيهِ لِلنَّصِّ (2) .
كَمَا لاَ خِلاَفَ بَيْنَهُمْ فِي كَرَاهِيَةِ غَسْل الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ بِالسِّدْرِ وَالْخَطْمِيِّ وَنَحْوِهِمَا.
وَإِنَّمَا الْخِلاَفُ بَيْنَهُمْ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَى مَنْ غَسَل رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ بِهِمَا أَوْ بِأَيِّهِمَا عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْل الأَْوَّل: عَدَمُ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ.
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَبِهِ قَال أَبُو ثَوْرٌ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَالثَّوْرِيُّ (3) .
وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَهُ بَعِيرُهُ اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ - أَوْ قَال: ثَوْبَيْهِ - وَلاَ تُحَنِّطُوهُ، وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا (4) فَقَدْ أَمَرَ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَسْلِهِ
__________
(1) المبسوط 4 / 171.
(2) المغني 3 / 299.
(3) المجموع 7 / 355، 463، والمغني 3 / 299.
(4) حديث: " اغسلوه بماء وسدر. . . ". أخرجه البخاري (فتح البخاري 4 / 64) ومسلم (2 / 865) والسياق للبخاري.
بِالسِّدْرِ مَعَ إِثْبَاتِ حُكْمِ الإِْحْرَامِ فِي حَقِّهِ، وَالْخَطْمِيُّ كَالسِّدْرِ، فَلاَ فِدْيَةَ فِي غَسْل الرَّأْسِ أَوِ اللِّحْيَةِ بِهِمَا.
وَقَالُوا إِنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ، فَلَمْ تَجِبِ الْفِدْيَةُ بِاسْتِعْمَالِهِ كَالتُّرَابِ (1) .

الْقَوْل الثَّانِي: وُجُوبُ الْفِدْيَةِ.
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ (2) .
وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الْخَطْمِيَّ مِنَ الطِّيبِ، فَلَهُ رَائِحَةٌ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ زَكِيَّةً، وَهُوَ يَقْتُل الْهَوَامَّ. أَيْضًا فَتَتَكَامَل الْجِنَايَةُ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَيَيْنِ، فَلِهَذَا يَلْزَمُهُ الدَّمُ (3) .

شَمُّ الْعُصْفُرِ وَاسْتِعْمَالُهُ
50 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ بِاسْتِعْمَال الْعُصْفُرِ أَوْ مَا صُبِغَ بِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْل الأَْوَّل: عَدَمُ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ بِاسْتِعْمَال الْعُصْفُرِ أَوْ مَا صُبِغَ بِهِ.
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ قَوْل جَابِرٍ وَابْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَعَقِيل بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَرِوَايَةٌ عَنْ عَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ (4) .
__________
(1) المغني 3 / 300.
(2) المبسوط 4 / 124، وبداية المجتهد 1 / 317، والمغني 4 / 299.
(3) المبسوط 4 / 125، وبداية المجتهد 1 / 317.
(4) بداية المجتهد 1 / 279.

الصفحة 78