كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)
وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى النِّسَاءَ فِي إِحْرَامِهِنَّ عَنِ الْقُفَّازَيْنِ وَالنِّقَابِ وَمَا مَسَّ الْوَرْسُ وَالزَّعْفَرَانُ مِنَ الثِّيَابِ، وَلْتَلْبَسْ بَعْدَ ذَاكَ مَا أَحَبَّتْ مِنْ أَلْوَانِ الثِّيَابِ، مِنْ مُعَصْفَرٍ أَوْ خَزٍّ أَوْ حُلِيٍّ أَوْ سَرَاوِيل، أَوْ خُفٍّ أَوْ قَمِيصٍ (1) .
وَبِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ قَالَتْ: كُنَّ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْرِمْنَ فِي الْمُعَصْفَرَاتِ (2) . فَقَدْ أَبَاحَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَلْبَسَ مَا أَحَبَّتْ مِنْ أَلْوَانِ الثِّيَابِ الْمُعَصْفَرَةِ وَهِيَ مُحْرِمَةٌ، فَدَل ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لاَ فِدْيَةَ فِي لُبْسِهِ (3) .
وَلأَِنَّهُ قَوْل جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ، فَكَانَ إِجْمَاعًا.
وَلأَِنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ، فَلَمْ يُكْرَهْ مَا صُبِغَ بِهِ كَالسَّوَادِ وَالْمَصْبُوغِ بِالْمُغْرَةِ، وَلاَ يُقَاسُ عَلَى الْوَرْسِ وَالزَّعْفَرَانِ، لأَِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا طِيبٌ بِخِلاَفِ مَسْأَلَتِنَا.
__________
(1) حديث ابن عمر " سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى النساء في إحرامهن. . . ". أخرجه الحاكم (1 / 487) وصححه ووافقه الذهبي.
(2) حديث عائشة بنت سعد: " كن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يحرمن في المعصفرات ". أخرجه الإمام مالك في المناسك كما في المغني لابن قدامة (3 / 318) .
(3) المغني 3 / 318.
الْقَوْل الثَّانِي: وُجُوبُ الْفِدْيَةِ بِاسْتِعْمَال الْعُصْفُرِ أَوْ مَا صُبِغَ بِهِ.
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَبِهِ قَال الثَّوْرِيُّ (1) .
وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَاهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لُبْسِ الْقِسِيِّ الْمُعَصْفَرِ (2) .
وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْمُوَرَّسِ وَالْمُزَعْفَرِ، لأَِنَّهُ صَبْغٌ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ فَأَشْبَهَ ذَلِكَ (3) .
وُجُوبُ الْفِدْيَةِ بِلُبْسِ السَّرَاوِيل عِنْدَ عَدَمِ الإِْزَارِ
51 - الْمُحْرِمُ مَمْنُوعٌ مِنْ لُبْسِ الْقُمُصِ وَالْعَمَائِمِ وَالسَّرَاوِيلاَتِ وَالْخِفَافِ وَالْبَرَانِسِ وَتَجِبُ بِهِ الْفِدْيَةُ، لأَِنَّهُ فِعْلٌ مَحْظُورٌ فِي الإِْحْرَامِ فَتَجِبُ بِهِ الْفِدْيَةُ كَالْحَلْقِ.
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَى مَنْ لَبِسَ السَّرَاوِيل عِنْدَ عَدَمِ الإِْزَارِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْل الأَْوَّل: عَدَمُ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ.
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَبِهِ قَال عَطَاءٌ وَعِكْرِمَةُ وَالثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ
__________
(1) المبسوط 4 / 7، والمغني 3 / 318.
(2) حديث علي بن أبي طالب: " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس القسي " أخرجه مسلم (3 / 1648) .
(3) بداية المجتهد 1 / 279، والمغني 3 / 318.
الصفحة 79