كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)

الْفِدْيَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يَقْطَعِ الْخُفَّيْنِ، إِذَا لَبِسَهُمَا عِنْدَ عَدَمِ النَّعْلَيْنِ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْل عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَطْعُ الْخُفَّيْنِ فَسَادٌ، يَلْبَسُهُمَا كَمَا هُمَا.
وَقَالُوا إِنَّهُ مَلْبُوسٌ أُبِيحَ لِعَدَمِ غَيْرِهِ، فَأَشْبَهَ السَّرَاوِيل.
وَإِنْ قَطَعَهُ لاَ يُخْرِجُهُ عَنْ حَالَةِ الْحَظْرِ، فَإِنَّ لُبْسَ الْمَقْطُوعِ مُحَرَّمٌ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى النَّعْلَيْنِ كَلُبْسِ الصَّحِيحِ.
وَإِنَّ فِي الْقَطْعِ إِتْلاَفَ الْمَال وَإِضَاعَتَهُ (1) ، وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إِضَاعَةِ الْمَال (2) .

لُبْسُ الْخُفَّيْنِ مَقْطُوعَيْنِ مَعَ وُجُودِ النَّعْلَيْنِ
54 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَى مَنْ لَبِسَ الْخُفَّيْنِ مَقْطُوعَيْنِ مَعَ وُجُودِ النَّعْلَيْنِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْل الأَْوَّل: وُجُوبُ الْفِدْيَةِ بِلُبْسِ الْمَقْطُوعِ مَعَ وُجُودِ النَّعْل.
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَبِهِ قَال أَبُو ثَوْرٍ (3) .
__________
(1) المغني 3 / 301.
(2) حديث: " نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال ". أخرجه البخاري (فتح الباري 11 / 306) ومسلم (3 / 1314) من حديث المغيرة بن شعبة.
(3) بداية المجتهد 1 / 279، 318، والمغني 3 / 302، 303، والمجموع 7 / 249، 250، وفتح العزيز مع المجموع 7 / 453، والمغني 3 / 302، 303.
وَاسْتَدَلُّوا بِالأَْحَادِيثِ السَّابِقَةِ الْمَرْوِيَّةِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَقَدْ شَرَطَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِبَاحَةِ لُبْسِ الْخُفَّيْنِ عَدَمَ النَّعْلَيْنِ، فَدَل هَذَا عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ اللُّبْسُ مَعَ وُجُودِهِمَا.
وَقَالُوا: إِنَّهُ مَخِيطٌ لِعُضْوٍ عَلَى قَدْرِهِ، فَوَجَبَتْ عَلَى الْمُحْرِمِ الْفِدْيَةُ بِلُبْسِهِ كَالْقُفَّازَيْنِ، وَلأَِنَّهُ يُتْرِفُهُ بِلُبْسِ الْخُفَّيْنِ فِي دَفْعِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالأَْذَى، فَتَجِبُ بِهِ الْفِدْيَةُ (1) .

الْقَوْل الثَّانِي: عَدَمُ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ بِلُبْسِ الْمَقْطُوعِ مَعَ وُجُودِ النَّعْل.
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَبِهِ قَال بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ (2) .
وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ صَارَ كَالنَّعْل بِدَلِيل عَدَمِ جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَيْهِ لأَِنَّهُ بِالْقَطْعِ صَارَ فِي مَعْنَى النَّعْلَيْنِ لأَِنَّهُ لاَ يَسْتُرُ الْكَعْبَ (3) .

لُبْسُ الْقُفَّازَيْنِ
55 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَى الرَّجُل بِلُبْسِ الْقُفَّازَيْنِ.
وَإِنَّمَا الْخِلاَفُ بَيْنَهُمْ فِي وُجُوبِهَا عَلَى الْمَرْأَةِ إِذَا لَبِسَتِ الْقُفَّازَيْنِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
__________
(1) المجموع 7 / 250، والمغني 3 / 302.
(2) المبسوط 4 / 127، وفتح القدير 2 / 141 - 142، والمجموع 7 / 250.
(3) فتح القدير 2 / 141 - 142، والمجموع 7 / 250.

الصفحة 82