كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)
الْقَوْل الأَْوَّل: وُجُوبُ الْفِدْيَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ بِلُبْسِ الْقُفَّازَيْنِ.
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَبِهِ قَال عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ وَالنَّخَعِيُّ وَإِسْحَاقُ (1) .
وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: لاَ تَنْتَقِبُ الْمُحْرِمَةُ، وَلاَ تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ (2) .
وَالْحَدِيثُ نَصٌّ فِي تَحْرِيمِ لُبْسِ الْقُفَّازَيْنِ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي حَال إِحْرَامِهَا، وَيَلْزَمُ مِنْهُ وُجُوبُ الْفِدْيَةِ عَلَيْهَا، لأَِنَّهَا لَبِسَتْ مَا نُهِيَتْ عَنْ لُبْسِهِ فِي الإِْحْرَامِ، فَلَزِمَتْهَا الْفِدْيَةُ كَالنِّقَابِ (3) .
وَقَالُوا: إِنَّ الْيَدَ عُضْوٌ لاَ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ سَتْرُهُ فِي الصَّلاَةِ، فَلاَ يَجُوزُ لَهَا سَتْرُهُ فِي الإِْحْرَامِ كَالْوَجْهِ.
وَإِنَّ الرَّجُل لَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ كَشْفُ رَأْسِهِ تَعَلَّقَ حُكْمُ إِحْرَامِهِ بِغَيْرِهِ، فَمُنِعَ مِنْ لُبْسِ الْمَخِيطِ فِي سَائِرِ بَدَنِهِ، كَذَلِكَ الْمَرْأَةُ لَمَّا لَزِمَهَا كَشْفُ وَجْهِهَا، يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَلَّقَ حُكْمُ الإِْحْرَامِ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْبَعْضِ، وَهُوَ الْيَدَانِ.
وَإِنَّ الإِْحْرَامَ تَعَلَّقَ بِيَدِهَا تَعَلُّقَهُ بِوَجْهِهَا،
__________
(1) بداية المجتهد 1 / 280، 318، والمغني 3 / 329، والمجموع 7 / 269، 454.
(2) حديث: ابن عمر: " لا تنتقب المحرمة. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 52) .
(3) المغني 3 / 329، 330.
لأَِنَّ وَاحِدًا مِنْهُمَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ (1) .
الْقَوْل الثَّانِي: عَدَمُ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ إِذَا لَبِسَتِ الْقُفَّازَيْنِ.
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وعَائِشَةَ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَبِهِ قَال الثَّوْرِيُّ (2) .
وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: إِحْرَامُ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا (3) .
وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ إِحْرَامَ الْمَرْأَةِ الَّذِي يَجِبُ كَشْفُهُ إِلاَّ لِضَرُورَةٍ هُوَ وَجْهُهَا، وَهَذَا يَدُل عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ بِتَغْطِيَةِ مَا عَدَا الْوَجْهَ لأَِنَّهُ خَصَّ الْوَجْهَ بِالْحُكْمِ، فَدَل عَلَى أَنَّ مَا عَدَاهُ بِخِلاَفِهِ.
وَبِمَا رُوِيَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُلْبِسُ بَنَاتَهُ الْقُفَّازَيْنِ وَهُنَّ مُحْرِمَاتٌ.
وَقَالُوا: إِنَّهُ عُضْوٌ يَجُوزُ سَتْرُهُ بِغَيْرِ الْمَخِيطِ، فَجَازَ سَتْرُهُ بِهِ كَالرِّجْلَيْنِ (4) .
تَخْمِيرُ الْمُحْرِمِ وَجْهَهُ
56 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ إِحْرَامَ الْمَرْأَةِ
__________
(1) المجموع 7 / 454، 455، والمغني 3 / 329.
(2) المبسوط 4 / 128، والمجموع 7 / 269، 454، والمغني 3 / 329، وبداية المجتهد 1 / 280.
(3) حديث: " إحرام المرأة في وجهها. . . ". أخرجه الدارقطني (2 / 294) ، وأشار البيهقي في السنن (5 / 47) إلى ترجيح كونه موقوفًا على ابن عمر.
(4) المجموع 7 / 454، والمبسوط 4 / 128، والمغني 3 / 329.
الصفحة 83