كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)

وَالْحَنَابِلَةُ، وَبِهِ قَال أَبُو ثَوْرٍ (1) وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال مَنْ حَلَفَ فَاسْتَثْنَى فَإِنْ شَاءَ مَضَى، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ غَيْرَ حِنْثٍ (2) .
وَفِي لَفْظٍ: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَال: إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدِ اسْتَثْنَى فَلاَ حِنْثَ عَلَيْهِ (3) .
وَجْهُ الدَّلاَلَةِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّهُ يَدُل بِعُمُومِهِ عَلَى أَنَّ قَصْدَ التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ يَمْنَعُ الاِنْعِقَادَ فِي الطَّلاَقِ وَالظِّهَارِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الأَْيْمَانِ لأَِنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي عُمُومِ الْحَدِيثِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِقِيَاسِ الظِّهَارِ عَلَى الْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى بِجَامِعِ التَّكْفِيرِ فِي كُلٍّ، وَلَمَّا كَانَتِ الْيَمِينُ بِاللَّهِ تَعَالَى يَصِحُّ الاِسْتِثْنَاءُ فِيهَا وَيُمْنَعُ انْعِقَادُهَا، فَكَذَلِكَ الظِّهَارُ.

الْقَوْل الثَّانِي: عَدَمُ سُقُوطِ الْكَفَّارَةِ بِالاِسْتِثْنَاءِ بِالْمَشِيئَةِ فِي الظِّهَارِ لاِنْعِقَادِهِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ (4) .
وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الطَّلاَقَ وَالْعِتَاقَ وَالْمَشْيَ وَالصَّدَقَةَ، وَكَذَلِكَ الظِّهَارُ، لَيْسَتْ أَيْمَانًا شَرْعِيَّةً، بَل هِيَ إِلْزَامَاتٌ، بِدَلِيل أَنَّ حُرُوفَ
__________
(1) بدائع الصنائع 3 / 232، 235، وإعانة الطالبين 4 / 24، والمغني 7 / 350.
(2) حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من حلف فاستثنى فإن شاء مضى، وإن شاء ترك غير حنث ". أخرجه النسائي (7 / 12) .
(3) حديث: " من حلف على يمين فقال. . . ". أخرجه الترمذي (4 / 108) وقال حديث حسن.
(4) حاشية الدسوقي 2 / 129.
الْقَسَمِ لاَ تَدْخُل عَلَيْهَا وَأَنَّ الْحَلِفَ بِهَا مَمْنُوعٌ، فَلَوْ قَال: يَلْزَمُهُ الطَّلاَقُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. لَزِمَهُ وَلاَ اعْتِبَارَ لِمَشِيئَتِهِ (1) .

سُقُوطُ الْكَفَّارَةِ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ فِي الظِّهَارِ الْمُؤَقَّتِ
60 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي سُقُوطِ الْكَفَّارَةِ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ فِي الظِّهَارِ الْمُؤَقَّتِ كَأَنْ يَقُول الزَّوْجُ: أَنْتَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي شَهْرًا، أَوْ حَتَّى يَنْسَلِخَ الشَّهْرُ أَوْ شَهْرُ رَمَضَانَ عَلَى تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي (ظِهَارٌ ف 6) .

تَعَدُّدُ الْكَفَّارَةِ بِتَعَدُّدِ الظِّهَارِ
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ مِرَارًا وَلَمْ يُكَفِّرْ، وَفِي تَعَدُّدِهَا، عَلَى مَنْ ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ لَهُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ أَوْ بِكَلِمَاتٍ.
أ - تَعَدُّدُ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ ظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ مِرَارًا وَلَمْ يُكَفِّرْ
61 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ مِرَارًا وَلَمْ يُكَفِّرْ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْل الأَْوَّل: عَدَمُ تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ مِرَارًا وَلَمْ يُكَفِّرْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ
__________
(1) المرجع السابق.

الصفحة 87