كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)
بِالْكَفَّارَةِ، فَيَجِبُ فِي كُل ظِهَارٍ كَفَّارَةٌ (1) .
وَأَنَّ تَكْرَارَ الظِّهَارِ فِي امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ كَتَكْرَارِ الْيَمِينِ، فَكَمَا يَجِبُ بِاعْتِبَارِ كُل يَمِينٍ كَفَّارَةً، فَكَذَلِكَ يَجِبُ بِاعْتِبَارِ كُل ظِهَارٍ كَفَّارَةً (2) .
وَإِنَّمَا اشْتَرَطُوا أَنْ لاَ يَقْصِدَ بِهِ التَّأْكِيدَ، لأَِنَّ الإِْنْسَانَ قَدْ يُكَرِّرُ اللَّفْظَ، وَيَقْصِدُ بِهِ التَّغْلِيظَ وَالتَّشْدِيدَ دُونَ إِرَادَةِ التَّجْدِيدِ.
وَلأَِنَّ الظِّهَارَ لاَ يُوجِبُ نُقْصَانَ الْعَدَدِ فِي الطَّلاَقِ، لأَِنَّهُ لَيْسَ بِطَلاَقٍ وَلاَ يُوجِبُ الْبَيْنُونَةَ وَإِنْ طَالَتِ الْمُدَّةُ، كَمَا أَنَّهُ لاَ يُوجِبُ زَوَال الْمِلْكِ وَإِنَّمَا يَحْرُمُ الْوَطْءُ قَبْل التَّكْفِيرِ مَعَ قِيَامِ الْمِلْكِ (3) .
وَفَصَّل الشَّافِعِيَّةُ فَقَالُوا: لَوْ كَرَّرَ لَفْظَ الظِّهَارِ فِي امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ تَكْرِيرًا مُتَّصِلاً وَقَصَدَ بِهِ تَأْكِيدًا فَظِهَارٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ اسْتِئْنَافًا فَالأَْظْهَرُ الْجَدِيدُ التَّعَدُّدُ، وَإِنْ فَصَل بَيْنَ أَلْفَاظِ الظِّهَارِ الْمُكَرَّرِ وَقَصَدَ بِتَكْرِيرِ الظِّهَارِ اسْتِئْنَافًا فَالأَْظْهَرُ التَّعَدُّدُ وَكَذَا لَوْ قَصَدَ تَأْكِيدًا فَإِنَّهُ لاَ يُقْبَل فِي الأَْصَحِّ (4) .
ب - تَعَدُّدُ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ لَهُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ
62 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ عَلَى
__________
(1) بدائع الصنائع 3 / 235.
(2) المبسوط 5 / 226.
(3) بدائع الصنائع 3 / 235.
(4) مغني المحتاج 3 / 358.
مَنْ ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ لَهُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْل الأَْوَّل: عَدَمُ تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ لَهُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ.
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ قَوْل عَلِيٍّ وَعُمَرَ وَعُرْوَةَ وَطَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَرَبِيعَةَ وَالأَْوْزَاعِيِّ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ، وَالشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ (1) .
وَقَيَّدَ الْمَالِكِيَّةُ عَدَمَ التَّعَدُّدِ بِمَا إِذَا لَمْ يَنْوِ كَفَّارَاتٍ وَإِلاَّ تَعَدَّدَتْ (2) .
وَاسْتَدَل هَذَا الْفَرِيقُ بِمَا حُكِيَ مِنْ عُمُومِ قَوْل عُمَرَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ حَيْثُ قَالاَ: إِذَا كَانَ تَحْتَ الرَّجُل أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَظَاهَرَ مِنْهُنَّ يُجْزِيهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ جَمِيعًا - وَرَوَاهُ الأَْثْرَمُ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلاَ نَعْرِفُ لَهُمَا فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفًا، فَكَانَ إِجْمَاعًا (3) .
وَقَالُوا: إِنَّهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ، فَلَمْ يَجِبْ بِهَا أَكْثَرُ مِنْ كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ كَالْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى (4) .
__________
(1) حاشية الدسوقي 2 / 445، والمغني 7 / 357، وروضة الطالبين 8 / 275.
(2) الخرشي 4 / 108، والدسوقي 2 / 445.
(3) الجامع لأحكام القرآن 17 / 278، المغني 7 / 357.
(4) كشاف القناع 5 / 375.
الصفحة 89