كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)

وَإِنَّ الظِّهَارَ كَلِمَةٌ تَجِبُ بِمُخَالَفَتِهَا الْكَفَّارَةُ، فَإِذَا وُجِدَتْ فِي جَمَاعَةٍ أَوْجَبَتْ كَفَّارَةً وَاحِدَةً كَالْيَمِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى (1) .
وَإِنَّ الظِّهَارَ هَاهُنَا بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَالْكَفَّارَةُ الْوَاحِدَةُ تَرْفَعُ حُكْمَهَا وَتَمْحُو إِثْمَهَا، فَلاَ يَبْقَى لَهَا حُكْمٌ (2) .

الْقَوْل الثَّانِي: تَعَدُّدُ الْكَفَّارَةِ بِتَعَدُّدِ النِّسْوَةِ اللاَّئِي ظَاهَرَ مِنْهُنَّ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ.
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ، وَبِهِ قَال الْحَسَنُ، وَالنَّخَعِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَيَحْيَى الأَْنْصَارِيُّ وَالْحَكَمُ وَالثَّوْرِيُّ (3) .
وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْل أَنْ يَتَمَاسَّا} .
وَوَجْهُ الدَّلاَلَةِ مِنْ هَذِهِ الآْيَةِ أَنَّهَا أَفَادَتْ تَعَدُّدَ الْكَفَّارَةِ بِتَعَدُّدِ اللَّوَاتِي ظَاهَرَ مِنْهُنَّ، لأَِنَّهَا تَقْتَضِي كَوْنَ الظِّهَارِ عِلَّةً لإِِيجَابِ الْكَفَّارَةِ، فَإِذَا وُجِدَ الظِّهَارُ وُجِدَتْ عِلَّةُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ، فَإِذَا ظَاهَرَ مِنْهُنَّ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ لَزِمَهُ كَفَّارَاتٌ بِعَدَدِ اللَّوَاتِي ظَاهَرَ مِنْهُنَّ.
وَبَيَانُهُ: أَنَّهُ ظَاهَرَ مِنْ هَذِهِ، فَلَزِمَهُ كَفَّارَةٌ
__________
(1) المغني 7 / 357.
(2) المغني 7 / 357.
(3) المبسوط 5 / 266، وروضة الطالبين 8 / 275، وتفسير الرازي 29 / 260، والمغني 7 / 357.
بِسَبَبِ هَذَا الظِّهَارِ، وَظَاهَرَ أَيْضًا مِنَ الثَّانِيَةِ، فَالظِّهَارُ الثَّانِي لاَ بُدَّ وَأَنْ يُوجِبَ كَفَّارَةً أُخْرَى وَهَكَذَا (1) .
وَقَالُوا إِنَّ الظِّهَارَ يُوجِبُ تَحْرِيمًا مُؤَقَّتًا يَرْتَفِعُ بِالْكَفَّارَةِ، فَإِذَا أَضَافَهُ إِلَى مَحَالٍّ مُخْتَلِفَةٍ، يَثْبُتُ فِي كُل مَحِلٍّ حُرْمَةٌ لاَ تَرْتَفِعُ إِلاَّ بِالْكَفَّارَةِ كَالتَّطْلِيقَاتِ الثَّلاَثِ لَمَّا كَانَتْ تُوجِبُ حُرْمَةً مُؤَقَّتَةً تَرْتَفِعُ بِزَوْجٍ آخَرَ، فَإِذَا أَوْجَبَهَا فِي أَرْبَعِ نِسْوَةٍ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، تَثْبُتُ فِي حَقِّ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حُرْمَةٌ لاَ تَرْتَفِعُ إِلاَّ بِزَوْجٍ (2) .
وَإِنَّ الظِّهَارَ وَإِنْ كَانَ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنَّهَا تَتَنَاوَل كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ عَلَى حِيَالِهَا، فَصَارَ مُظَاهِرًا مِنْ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، وَالظِّهَارُ لاَ يَرْتَفِعُ إِلاَّ بِالْكَفَّارَةِ، فَإِذَا تَعَدَّدَ التَّحْرِيمُ تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ (3) .
وَإِنَّهُ وَجَبَ الظِّهَارُ وَالْعَوْدُ فِي حَقِّ كُل امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ عَنْ كُل وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ، كَمَا لَوْ أَفْرَدَهَا بِهِ (4) .

ج - تَعَدُّدُ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ ظَاهَرَ مِنْ نِسَائِهِ بِكَلِمَاتٍ
63 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ عَلَى
__________
(1) تفسير الرازي 29 / 260.
(2) المبسوط 5 / 226.
(3) بدائع الصنائع 3 / 234، 235.
(4) المغني 7 / 357.

الصفحة 90