كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)

وَهَذَا يَحْصُل بِمُجَرَّدِ الظِّهَارِ (1) .

الْعَوْدُ الْمُوجِبُ لِلْكَفَّارَةِ
66 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي بَيَانِ مَعْنَى الْعَوْدِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ:

الْقَوْل الأَْوَّل: الْعَهْدُ: هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ.
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَهِيَ الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ الْمَشْهُورَةُ عِنْدَ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَبِهِ قَال الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ (2) .

الْقَوْل الثَّانِي: الْعَوْدُ هُوَ الْوَطْءُ.
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ وَطَاوُسٍ وَالزُّهْرِيِّ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ لَكِنَّهَا ضَعِيفَةٌ عِنْدَ أَصْحَابِهِ (3) .

الْقَوْل الثَّالِثُ: الْعَهْدُ: هُوَ أَنْ يُمْسِكَهَا فِي النِّكَاحِ زَمَنًا يُمْكِنُهُ فِيهِ مُفَارَقَتَهَا، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ (4) .

الْقَوْل الرَّابِعُ: الْعَوْدُ: هُوَ تَكْرَارُ لَفْظِ الظِّهَارِ وَإِعَادَتُهُ.
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بُكَيْرُ بْنُ الأَْشَجِّ وَأَبُو الْعَالِيَةِ، وَهُوَ قَوْل الْفَرَّاءِ (5) .
__________
(1) المغني لابن قدامة 7 / 351.
(2) بدائع الصنائع 3 / 236، وحاشية الدسوقي 2 / 447، وبداية المجتهد 2 / 91، والمغني 7 / 353.
(3) تفسير الرازي 29 / 258، والمغني 7 / 352، 353، وحاشية الدسوقي 2 / 447، وبداية المجتهد 2 / 91.
(4) روضة الطالبين 8 / 271، وتفسير الرازي 29 / 257.
(5) الجامع لأحكام القرآن 17 / 281، وبداية المجتهد 2 / 91، والمغني 7 / 353، وتفسير الرازي 29 / 259.
وَقَدِ اسْتَدَل أَصْحَابُ الْقَوْل الأَْوَّل: بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْل أَنْ يَتَمَاسَّا} .
وَوَجْهُ الدَّلاَلَةِ مِنَ الآْيَةِ أَنَّهَا نَصٌّ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عِنْدَ الْعَزْمِ عَلَى الْوَطْءِ، كَأَنَّهُ تَعَالَى قَال: إِذَا عَزَمْتَ عَلَى الْوَطْءِ فَكَفِّرْ قَبْلَهُ (1) ، كَمَا قَال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} .
وَقَالُوا: إِنَّهُ قَصَدَ بِالظِّهَارِ تَحْرِيمَهَا، فَالْعَزْمُ. عَلَى وَطْئِهَا عَوْدٌ فِيمَا قَصَدَ.
وَإِنَّ الظِّهَارَ تَحْرِيمٌ، فَإِذَا أَرَادَ اسْتِبَاحَتَهَا فَقَدْ رَجَعَ فِي ذَلِكَ التَّحْرِيمِ، فَكَانَ عَائِدًا (2) .
وَإِنَّ الْمَفْهُومَ مِنَ الظِّهَارِ هُوَ أَنَّ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ فِيهِ، إِنَّمَا يَكُونُ بِإِرَادَتِهِ الْعَوْدَةَ إِلَى مَا حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ بِالظِّهَارِ، وَهُوَ الْوَطْءُ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْعَوْدَةُ إِمَّا الْوَطْءُ نَفْسُهُ، أَوِ الْعَزْمُ عَلَيْهِ وَإِرَادَتُهُ (3) .
وَاسْتَدَل أَصْحَابُ الْقَوْل الثَّانِي: بِأَنَّ الْعَوْدَ فِعْلٌ ضِدُّ قَوْلِهِ، وَمِنْهُ الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ هُوَ الرَّاجِعُ فِي الْمَوْهُوبِ، وَالْعَائِدُ فِي عِدَتِهِ:
__________
(1) بدائع الصنائع 3 / 236.
(2) المغني 7 / 353.
(3) بداية المجتهد 2 / 91.

الصفحة 94