كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 35)

سَوَاءٌ عَلِمَهُ أَوْ جَهِلَهُ، لأَِنَّ النِّيَّةَ تَعَيَّنَتْ لَهَا، وَلأَِنَّهُ نَوَى عَنْ كَفَّارَتِهِ وَلاَ مُزَاحِمَ لَهَا فَوَجَبَ تَعْلِيقُ النِّيَّةِ بِهَا، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَاتٌ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ لَمْ يَجِبْ تَعْيِينُ سَبَبِهَا فَلَوْ كَانَ مُظَاهِرًا مِنْ أَرْبَعٍ فَأَعْتَقَ عَبْدًا عَنْ ظِهَارِهِ أَجْزَأَهُ عَنْ إِحْدَاهُنَّ وَحَلَّتْ لَهُ وَاحِدَةٌ مِنْ نِسَائِهِ غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ، لأَِنَّهُ وَاجِبٌ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَأَجْزَأَتْهُ نِيَّةٌ مُطْلَقَةٌ، كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمُ يَوْمَيْنِ مِنْ رَمَضَانَ فَتَخْرُجُ بِقُرْعَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي نَظَائِرِهِ، فَإِنْ كَانَ الظِّهَارُ مِنْ ثَلاَثِ نِسْوَةٍ فَأَعْتَقَ عَنْ ظِهَارِ إِحْدَاهُنَّ وَصَامَ عَنْ ظِهَارِ أُخْرَى لِعَدَمِ مَنْ يُعْتِقُهُ وَمَرِضَ فَأَطْعَمَ ظِهَارَ أُخْرَى أَجْزَأَهُ لِمَا تَقَدَّمَ وَحَل لَهُ الْجَمِيعُ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ وَلاَ تَعْيِينٍ، لأَِنَّ التَّكْفِيرَ حَصَل عَنِ الثَّلاَثِ.
وَإِنْ كَانَتِ الْكَفَّارَاتُ مِنْ أَجْنَاسٍ كَظِهَارٍ وَقَتْلٍ وَجِمَاعٍ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ وَيَمِينٍ لَمْ يَجِبْ تَعْيِينُ السَّبَبِ أَيْضًا، لأَِنَّهَا عِبَادَةٌ وَاجِبَةٌ فَلَمْ تَفْتَقِرْ صِحَّةُ أَدَائِهَا إِلَى تَعْيِينِ سَبَبِهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ مِنْ جِنْسٍ. وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ مِنْ ظِهَارٍ بِأَنْ قَال لِكُل مِنْ زَوْجَتَيْهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ مِنْ ظِهَارٍ وَقَتْلٍ فَقَال: أَعْتَقْتُ هَذَا عَنْ هَذِهِ الزَّوْجَةِ أَوْ أَعْتَقْتُ هَذَا عَنْ هَذِهِ الزَّوْجَةِ الأُْخْرَى، أَوْ قَال: أَعْتَقْتُ هَذَا عَنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَهَذَا عَنْ كَفَّارَةِ الْقَتْل. أَجْزَأَهُ، أَوْ قَال أَعْتَقْتُ هَذَا عَنْ
إِحْدَى الْكَفَّارَتَيْنِ وَأَعْتَقْتُ هَذَا عَنِ الْكَفَّارَةِ الأُْخْرَى مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ أَجْزَأَهُ لِمَا تَقَدَّمَ، أَوْ أَعْتَقَهُمَا أَيِ الْعَبْدَيْنِ عَنِ الْكَفَّارَتَيْنِ مَعًا أَوْ قَال أَعْتَقْتُ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَيْ مِنَ الْمَعْنَيَيْنِ عَنْهُمَا أَيِ الْكَفَّارَتَيْنِ جَمِيعًا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ (1) .

الشَّرْطُ الثَّانِي: الْقُدْرَةُ:
68 - يُشْتَرَطُ قُدْرَةُ الْمُكَفِّرِ عَلَى التَّكْفِيرِ، لأَِنَّ إِيجَابَ الْفِعْل عَلَى غَيْرِ الْقَادِرِ مُمْتَنِعٌ.
فَإِذَا كَانَتِ الْكَفَّارَةُ مُرَتَّبَةً فَلاَ يُجْزِئُهُ الاِنْتِقَال مِنْ خَصْلَةٍ إِلَى مَا بَعْدَهَا حَتَّى يَعْجِزَ عَنِ الأُْولَى، فَمَنْ مَلَكَ رَقَبَةً مَثَلاً لاَ يُجْزِئُهُ الاِنْتِقَال عَنِ الْعِتْقِ إِلَى الصِّيَامِ، وَمَنِ اسْتَطَاعَ الصِّيَامَ لاَ يُمْكِنُهُ الاِنْتِقَال إِلَى الإِْطْعَامِ وَذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُعْتَبَرُ الْمُكَفِّرُ فِيهِ قَادِرًا أَوْ عَاجِزًا عَنِ التَّكْفِيرِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ فِي أَظْهَرِ الأَْقْوَال إِلَى أَنَّ الْوَقْتَ الْمُعْتَبَرَ لِلْقُدْرَةِ وَالْيَسَارَ هُوَ وَقْتُ الأَْدَاءِ، قَالُوا: لأَِنَّ الْكَفَّارَةَ عِبَادَةٌ لَهَا بَدَلٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا فَاعْتُبِرَ حَال أَدَائِهَا.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ إِلَى أَنَّ الْوَقْتَ الْمُعْتَبَرَ هُوَ وَقْتُ الْوُجُوبِ، لأَِنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ عَلَى وَجْهِ الطُّهْرَةِ، فَكَانَ الاِعْتِبَارُ بِحَالَةِ
__________
(1) كشاف القناع 5 / 388، 389.

الصفحة 97