كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 36)

عِنْدَ الْمُكْتَرِي فَلاَ فَسْخَ لَهُ وَلاَ خِيَارَ، بَل إِنْ شَاءَ تَبَرَّعَ بِمُؤْنَتِهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَبَرَّعْ رَفَعَ الأَْمْرَ إِلَى الْقَاضِي؛ لِيُمَوِّنَهَا الْقَاضِي وَيُمَوِّنَ مَنْ يَقُومُ بِحِفْظِهَا مِنْ مَال الْجَمَّال إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْجَمَّال مَالٌ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْجِمَال فَضْلٌ، اقْتَرَضَ الْقَاضِي عَلَى الْجَمَّال مِنَ الْمُكْتَرِي أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَال، فَإِنْ وَثِقَ الْقَاضِي بِالْمُكْتَرِي دَفَعَ مَا اقْتَرَضَهُ إِلَيْهِ، وَإِنِ اقْتَرَضَهُ مِنْهُ لِيُنْفِقَهُ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَثِقْ بِهِ جَعَل الْقَاضِي مَا اقْتَرَضَهُ عِنْدَ ثِقَةٍ يُنْفِقُ عَلَيْهَا.
وَإِذَا لَمْ يَجِدِ الْقَاضِي مَالاً يَقْتَرِضُهُ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنَ الْجِمَال قَدْرَ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا وَعَلَى مَنْ يَتَعَهَّدُهَا، وَإِذَا كَانَ فِي الْجِمَال الْمَتْرُوكَةِ زِيَادَةٌ عَلَى حَاجَةِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلاَ يَقْتَرِضُ الْقَاضِي عَلَى الْجِمَال، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ، بَل يَبِيعُ الْفَاضِل عَنِ الْحَاجَةِ.
وَلَوْ أَذِنَ الْقَاضِي لِلْمُكْتَرِي فِي الإِْنْفَاقِ عَلَى الْجِمَال، وَعَلَى مُتَعَهِّدِهَا مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَال غَيْرِهِ، لِيَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا وَعَلَى مُتَعَهِّدِهَا، جَازَ فِي الأَْظْهَرِ، كَمَا لَوِ اقْتَرَضَ ثُمَّ دَفَعَ إِلَيْهِ، وَلأَِنَّهُ مَحَل ضَرُورَةٍ، فَقَدْ لاَ يَجِدُ الْقَاضِي مَنْ يُقْرِضُهُ أَوْ لاَ يَرَاهُ، وَمُقَابِل الأَْظْهَرِ الْمَنْعُ وَيُجْعَل مُتَبَرِّعًا.
وَإِذَا أَنْفَقَ الْمُسْتَأْجِرُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْحَاكِمِ فَإِنَّهُ لاَ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ وَيُعْتَبَرُ مُتَبَرِّعًا، لَكِنْ مَحَل
هَذَا إِذَا أَمْكَنَ إِذْنُ الْحَاكِمِ، فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ إِذْنُ الْحَاكِمِ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ، أَوْ عَسُرَ إِثْبَاتُ الْوَاقِعَةِ عِنْدَهُ، فَأَنْفَقَ وَأَشْهَدَ عَلَى مَا أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ رَجَعَ، وَالْقَوْل قَوْلُهُ فِي قَدْرِ مَا أَنْفَقَ إِذَا ادَّعَى نَفَقَةَ مِثْلِهِ فِي الْعَادَةِ؛ لأَِنَّهُ أَمِينٌ (1) .
وَإِنْ كَانَتِ الإِْجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ فَمُؤْنَةُ الدَّلِيل وَسَائِقِ الدَّابَّةِ وَأُجْرَةِ الْخَفِيرِ عَلَى الْمُكْرِي؛ لأَِنَّ ذَلِكَ مِنْ مُؤَنِ التَّحْصِيل، وَإِنْ كَانَتِ الإِْجَارَةُ عَلَى ظَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَهُوَ عَلَى الْمُكْتَرِي؛ لأَِنَّ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْمُكْرِي تَسْلِيمُ الظَّهْرِ وَقَدْ فَعَل (2) .
وَطَعَامُ الْمُرْضِعَةِ وَشَرَابُهَا عَلَيْهَا، وَعَلَيْهَا أَنْ تَأْكُل وَتَشْرَبَ مَا يُدَرُّ بِهِ اللَّبَنُ وَيَصْلُحُ بِهِ، وَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُطَالِبَهَا بِذَلِكَ؛ لأَِنَّهُ مِنْ مُقْتَضَى التَّمْكِينِ مِنَ الرِّضَاعِ، وَفِي تَرْكِهِ إِضْرَارٌ بِالصَّبِيِّ (3) .
9 - وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْجُمْلَةِ، وَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلإِْنْفَاقِ عَلَى الْجِمَال الَّتِي تَرَكَهَا الْمُكْرِي عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ دُونَ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ وَحِينَئِذٍ يَرْفَعُ الْمُسْتَأْجِرُ الأَْمْرَ لِلْقَاضِي لِيَقْتَرِضَ لَهُ، أَوْ لِيَأْذَنَ لَهُ فِي الإِْنْفَاقِ، وَيَكُونُ دَيْنًا عَلَى الْمُكْرِي، وَفِي الإِْنْفَاقِ عِنْدَ
__________
(1) مغني المحتاج 2 / 357 - 358، والمهذب 1 / 408.
(2) المهذب 1 / 408، ومغني المحتاج 2 / 348.
(3) المهذب 1 / 408.

الصفحة 18