كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 36)

عَدَمِ الْحَاكِمِ مَعَ الإِْشْهَادِ وَعَدَمِهِ، وَهَذَا عَلَى مَا سَبَقَ مِنَ التَّفْصِيل فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ (1) .
وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِيمَنِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا بِطَعَامِهِ وَكِسْوَتِهِ، أَوْ جَعَل لَهُ أَجْرًا وَشَرَطَ طَعَامَهُ وَكُسْوَتَهُ، فَرُوِيَ عَنْهُ جَوَازُ ذَلِكَ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَأَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمُ اسْتَأْجَرُوا الأُْجَرَاءَ بِطَعَامِهِمْ وَكُسْوَتِهِمْ، وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي الظِّئْرِ دُونَ غَيْرِهَا، وَاخْتَارَ الْقَاضِي هَذِهِ الرِّوَايَةَ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ مَجْهُولٌ، وَإِنَّمَا جَازَ فِي الظِّئْرِ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (2) فَأَوْجَبَ لَهُنَّ النَّفَقَةَ وَالْكُسْوَةَ عَلَى الرِّضَاعِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ: أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ بِحَالٍ لاَ فِي الظِّئْرِ وَلاَ فِي غَيْرِهَا.
وَاسْتَدَل ابْنُ قُدَامَةَ عَلَى رِوَايَةِ جَوَازِ اسْتِئْجَارِ الأَْجِيرِ بِطَعَامِهِ وَكُسْوَتِهِ بِمَا رَوَى عُتْبَةُ بْنُ الْمُنْذِرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: كُنَّا عِنْدَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَ: {طسم} حَتَّى إِذَا بَلَغَ قِصَّةَ مُوسَى قَال: إِنَّ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آجَرَ نَفْسَهُ ثَمَانِيَ سِنِينَ أَوْ عَشْرًا عَلَى عِفَّةِ فَرْجِهِ وَطَعَامِ بَطْنِهِ (3)
__________
(1) المغني 5 / 517 - 518 - ط. الرياض، وشرح المنتهى 2 / 372.
(2) سورة البقرة / 233.
(3) حديث عتبة بن المنذر: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ: (طسَمَ) . . أخرجه ابن ماجه (2 / 817) وضعف إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (2 / 52) .
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا مَا لَمْ يَثْبُتْ نَسْخُهُ.
وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ أَيْضًا: وَإِنْ شَرَطَ الأَْجِيرُ كُسْوَةً مَعْلُومَةً وَنَفَقَةً مَوْصُوفَةً كَمَا يُوصَفُ فِي السَّلَمِ جَازَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ طَعَامًا وَلاَ كُسْوَةً فَنَفَقَتُهُ وَكُسْوَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ الظِّئْرُ.
وَلَوِ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً بِعَلَفِهَا أَوْ بِأَجْرٍ مُسَمًّى وَعَلَفِهَا لَمْ يَجُزْ؛ لأَِنَّهُ مَجْهُولٌ، وَلاَ عُرْفَ لَهُ يُرْجَعُ إِلَيْهِ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهُ مَوْصُوفًا فَيَجُوزُ (1) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: أُجْرَةُ الدَّلِيل تَكُونُ عَلَى الْمُكْتَرِي؛ لأَِنَّ ذَلِكَ خَارِجٌ عَنِ الْبَهِيمَةِ الْمُكْتَرَاةِ وَآلَتِهَا، فَلَمْ يَلْزَمْهُ كَالزَّادِ، وَقِيل: إِنْ كَانَ اكْتَرَى مِنْهُ بَهِيمَةً بِعَيْنِهَا فَأُجْرَةُ الدَّلِيل عَلَى الْمُكْتَرِي؛ لأَِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَ الظَّهْرَ وَقَدْ سَلَّمَهُ، وَإِنْ كَانَتِ الإِْجَارَةُ عَلَى حَمْلِهِ إِلَى مَكَانٍ مُعَيَّنٍ فِي الذِّمَّةِ فَهُوَ عَلَى الْمُكْرِي؛ لأَِنَّهُ مِنْ مُؤْنَةِ إِيصَالِهِ إِلَيْهِ وَتَحْصِيلِهِ فِيهِ (2) .

مُؤْنَةُ رَدِّ الْمَغْصُوبِ
10 - مَنْ غَصَبَ شَيْئًا وَجَبَ رَدُّهُ لِصَاحِبِهِ مَتَى كَانَ بَاقِيًا؛ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
__________
(1) المغني 5 / 492 - 493.
(2) المغني 5 / 515 - 516.

الصفحة 19