كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 36)
يُمْكِنُ رَدُّ الْمِثْل مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ، وَإِنْ كَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَقِيمَتُهُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي غَصَبَهُ فِيهِ أَقَل فَلَيْسَ عَلَيْهِ رَدُّهُ وَلاَ رَدُّ مِثْلِهِ؛ لأَِنَّنَا لاَ نُكَلِّفُهُ مُؤْنَةَ النَّقْل إِلَى بَلَدٍ لاَ يَسْتَحِقُّ تَسْلِيمُهُ فِيهِ، وَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْخِيَرَةُ بَيْنَ الصَّبْرِ إِلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ فِي بَلَدِهِ وَبَيْنَ الْمُطَالَبَةِ فِي الْحَال بِقِيمَتِهِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي غَصَبَهُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْمُتَقَوِّمَاتِ فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِقِيمَتِهِ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ (1) .
وَإِنْ قَال رَبُّ الْمَغْصُوبِ: دَعْهُ مَكَانَهُ وَأَعْطِنِي أُجْرَةَ رَدِّهِ إِلَى مَكَانِهِ، وَإِلاَّ أَلْزَمْتُكَ بِرَدِّهِ لَمْ يَلْزَمْهُ؛ لأَِنَّهَا مُعَاوَضَةٌ فَلاَ يُجْبَرُ عَلَيْهَا، وَإِنْ قَال الْغَاصِبُ: خُذْ مِنِّي أَجْرَ رَدِّهِ وَتَسَلُّمِهِ مِنِّي هَهُنَا أَوْ بَذَل لَهُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لَمْ يَلْزَمِ الْمَالِكَ قَبُول ذَلِكَ؛ لأَِنَّهَا مُعَاوَضَةٌ، فَلاَ يُجْبَرُ عَلَيْهَا (2) .
مُؤْنَةُ الْمَوْقُوفِ
11 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يُرْجَعُ إِلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ فِي نَفَقَةِ الْمَوْقُوفِ وَمُؤَنِ تَجْهِيزِهِ وَعِمَارَتِهِ، وَسَوَاءٌ شَرَطَهَا الْوَاقِفُ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَال الْوَقْفِ، كَأَنْ يَقُول الْوَاقِفُ: يُنْفَقُ عَلَيْهِ أَوْ يُعَمَّرُ مِنْ جِهَةٍ، كَذَا فَإِنْ عَيَّنَ الْوَاقِفُ
__________
(1) المغني 5 / 277 - 278.
(2) كشاف القناع 4 / 78 - 79، والمغني 5 / 281.
الإِْنْفَاقَ مِنْ غَلَّتِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا عُمِل بِهِ رُجُوعًا إِلَى شَرْطِهِ، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطِ الْوَاقِفُ شَيْئًا كَانَ الإِْنْفَاقُ عَلَيْهِ مِنْ غَلَّتِهِ؛ لأَِنَّ الْوَقْفَ يَقْتَضِي تَحْبِيسَ الأَْصْل وَتَسْبِيل مَنْفَعَتِهِ، وَلاَ يَحْصُل ذَلِكَ إِلاَّ بِالإِْنْفَاقِ عَلَيْهِ، فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ ضَرُورَاتِهِ (1) .
فَإِنْ تَعَطَّلَتْ مَنَافِعُهُ، فَقَدْ قَال الشَّافِعِيَّةُ: تَكُونُ النَّفَقَةُ وَمُؤَنُ التَّجْهِيزِ - لاَ الْعِمَارَةِ - مِنْ بَيْتِ الْمَال، كَمَنْ أَعْتَقَ مَنْ لاَ كَسْبَ لَهُ، أَمَّا الْعِمَارَةُ فَلاَ تَجِبُ عَلَى أَحَدٍ حِينَئِذٍ كَالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ، بِخِلاَفِ الْحَيَوَانِ لِصِيَانَةِ رُوحِهِ وَحُرْمَتِهِ.
قَالُوا: وَظَاهِرٌ أَنَّ مِثْل الْعِمَارَةِ أُجْرَةُ الأَْرْضِ الَّتِي بِهَا بِنَاءٌ أَوْ غِرَاسٌ مَوْقُوفٌ وَلَمْ تَفِ مَنَافِعُهُ بِالأُْجْرَةِ (2) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَوْقُوفِ غَلَّةٌ فَنَفَقَتُهُ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنِ، فَإِنْ عَدِمَ الْغَلَّةَ لِكَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُؤَجَّرَ كَالْعَبْدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِيَخْدُمَهُ وَالْفَرَسِ يَغْزُو عَلَيْهِ أَوْ جَرَّ بِنَفَقَتِهِ دَفْعًا لِلضَّرُورَةِ، وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْمَسَاكِينِ فَنَفَقَتُهُ فِي
__________
(1) أسنى المطالب 2 / 473، وحاشية الشبراملسي بهامش نهاية المحتاج 5 / 397، وكشاف القناع 4 / 265، والمغني 5 / 648.
(2) أسنى المطالب 2 / 473، وحاشية الشبراملسي بهامش نهاية المحتاج 5 / 397.
الصفحة 21