كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 36)
يَرْجُو الْقُدْرَةَ عَلَى الْحَجِّ بِنَفْسِهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ الاِسْتِنَابَةُ، وَلاَ تُجْزِئُهُ إِنْ فَعَل كَالْفَقِيرِ، وَلأَِنَّ النَّصَّ إِنَّمَا وَرَدَ فِي الْحَجِّ عَنِ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَهُوَ مِمَّنْ لاَ يُرْجَى مِنْهُ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ، فَلاَ يُقَاسُ عَلَيْهِ إِلاَّ مَنْ كَانَ مِثْلَهُ (1) .
18 - وَإِذَا مَرِضَ الْمَأْمُورُ بِالْحَجِّ فِي الطَّرِيقِ، فَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ دَفْعُ الْمَال إِلَى غَيْرِهِ لِيَحُجَّ عَنِ الآْمِرِ، إِلاَّ إِذَا أَذِنَ لَهُ بِذَلِكَ، بِأَنْ قِيل لَهُ وَقْتَ الدَّفْعِ: اصْنَعْ مَا شِئْتَ، فَيَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ مَرِضَ أَوْ لاَ، لأَِنَّهُ يَصِيرُ وَكِيلاً مُطْلَقًا (2) .
وَلِلنِّيَابَةِ فِي الْحَجِّ شُرُوطٌ تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (نِيَابَةٌ) .
19 - وَأَمَّا النِّيَابَةُ عَنِ الْمَرِيضِ فِي الرَّمْيِ فَيَجُوزُ فِي الْجُمْلَةِ.
وَتَفْصِيلُهُ فِي (حَجٌّ ف 66) .
20 - وَحُكْمُ طَوَافِ الْمَرِيضِ سَبَقَ فِي مُصْطَلَحِ (طَوَافٌ ف 11، 16) ، وَكَذَا حُكْمُ سَعْيِهِ فِي مُصْطَلَحِ (سَعْيٌ ف 14) .
جِهَادُ الْمَرِيضِ
21 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجِبُ الْجِهَادُ عَلَى مَنْ بِهِ مَرَضٌ يَمْنَعُهُ مِنَ الْقِتَال وَمَا يَلْزَمُ لَهُ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (جِهَادٌ ف 21) .
__________
(1) المغني 3 / 229.
(2) حاشية ابن عابدين 2 / 242.
التَّأْخِيرُ فِي إِقَامَةِ الْحُدُودِ لِلْمَرَضِ
22 - الْمَرَضُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُرْجَى بُرْؤُهُ أَوْ مِمَّا لاَ يُرْجَى بُرْؤُهُ، وَالْحَدُّ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرِيضِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ الرَّجْمَ، أَوِ الْجَلْدَ أَوِ الْقَطْعَ: فَإِنْ كَانَ الْحَدُّ الرَّجْمَ فَالصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ هُوَ أَنَّهُ لاَ يُؤَخَّرُ مُطْلَقًا أَيًّا كَانَ نَوْعُ الْمَرَضِ، لأَِنَّ نَفْسَهُ مُسْتَوْفَاةٌ، فَلاَ فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّحِيحِ.
وَإِنْ كَانَ الْحَدُّ الْجَلْدَ أَوِ الْقَطْعَ وَالْمَرَضُ مِمَّا يُرْجَى بُرْؤُهُ: فَيَرَى الأَْئِمَّةُ الثَّلاَثَةُ وَالْخِرَقِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ تَأْخِيرَهُ، وَقَال جُمْهُورُ الْحَنَابِلَةِ: يُقَامُ الْحَدُّ وَلاَ يُؤَخَّرُ.
وَإِنْ كَانَ الْمَرَضُ مِمَّا لاَ يُرْجَى بُرْؤُهُ، أَوْ كَانَ الْجَانِي ضَعِيفًا بِالْخِلْقَةِ لاَ يَحْتَمِل السِّيَاطَ فَهَذَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي الْحَال وَلاَ يُؤَخَّرُ، وَيُضْرَبُ بِسَوْطٍ يُؤْمَنُ مَعَهُ التَّلَفُ كَالْقَضِيبِ الصَّغِيرِ، وَشِمْرَاخِ النَّخْل، فَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ جَمَعَ ضِغْثًا فِيهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ فَضَرَبَ بِهِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً.
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَأَنْكَرَهُ مَالِكٌ اسْتِدْلاَلاً بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاجْلِدُوا كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (1) وَهَذَا ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ.
هَذَا فِيمَا إِذَا كَانَ الْوَاجِبُ هُوَ الْجَلْدَ، وَأَمَّا فِي السَّرِقَةِ فَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ يُقْطَعُ فِي
__________
(1) سورة النور / 2.
الصفحة 365