كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 36)

التِّجَارَةِ، وَقَدْ يَكُونُ خَاصًّا بِأَنْ يَكُونَ فِي نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ، لاَ يَتَعَدَّاهُ إِلَى غَيْرِهِ.
فَالْحَنَفِيَّةُ يَرَوْنَ أَنَّ الإِْذْنَ إِنْ كَانَ عَامًّا فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ، أَوْ لَمْ يُحَدَّدْ بِوَقْتٍ كَانَ عَامًّا فِي جَمِيعِ الأَْنْوَاعِ وَتَوَابِعِهَا، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنْ رَهْنٍ وَإِعَارَةٍ.
وَإِنْ كَانَ خَاصًّا فِي نَوْعٍ مِنَ التِّجَارَةِ، أَوْ حُدِّدَ الإِْذْنُ بِوَقْتٍ - كَشَهْرٍ أَوْ عِدَّةِ أَشْهُرٍ - فَإِنَّ الإِْذْنَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ التِّجَارَاتِ وَتَوَابِعِهَا وَضَرُورَاتِهَا، فَيَنْقَلِبُ الإِْذْنُ الْخَاصُّ عَامًّا، وَلاَ يَتَحَدَّدُ بِنَوْعٍ مِنَ التِّجَارَاتِ، وَلاَ بِوَقْتٍ، بَل لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي نَوْعٍ وَنَهَاهُ عَنْ غَيْرِهِ، لَمْ يَكُنِ الصَّغِيرُ مُلْزَمًا بِهَذَا النَّهْيِ، وَكَانَ لَهُ الْحَقُّ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيمَا نَهَاهُ عَنْهُ الْوَلِيُّ خِلاَفًا لِزُفَرَ.
وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ وَإِنْ كَانَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ عِنْدَ الإِْمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَمْ يُجَوِّزِ الصَّاحِبَانِ ذَلِكَ، وَجَوَّزَاهُ فِي الْغَبْنِ الْيَسِيرِ الْمُحْتَمَل عَادَةً (1) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الإِْذْنَ مَوْقُوفٌ عَلَى إِجَازَةِ الْوَلِيِّ، وَأَنَّ هَذَا الإِْذْنَ لاَ يَعْدُو أَنْ يَكُونَ اخْتِبَارًا وَتَمْرِينًا لِلصَّغِيرِ، فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى الصَّبِيِّ مِقْدَارًا مَحْدُودًا وَقَلِيلاً مِنَ الْمَال، وَأَنْ يَأْذَنَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِهَذَا الْمَبْلَغِ، وَلَكِنْ حَتَّى بَعْدَ هَذَا الإِْذْنِ، فَلَنْ يَكُونَ عَقْدُ الصَّغِيرِ
__________
(1) تحفة الفقهاء للسمرقندي 3 / 483، 484، وبدائع الصنائع للكاساني 10 / 4529، والهداية للمرغيناني مع تكملة فتح القدير 9 / 287، وابن عابدين 5 / 100.
لاَزِمًا نَافِذًا، بَل هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى إِجَازَةِ وَلِيِّهِ (1) .
وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَعِنْدَهُمْ وَجْهَانِ فِي وَقْتِ اخْتِبَارِ الصَّبِيِّ، أَحَدُهُمَا: بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَأَصَحُّهُمَا قَبْلَهُ، وَعَلَى هَذَا فَفِي كَيْفِيَّةِ اخْتِبَارِهِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: يُدْفَعُ إِلَيْهِ قَدْرٌ مِنَ الْمَال، وَيُمْتَحَنُ فِي الْمُمَاكَسَةِ وَالْمُسَاوَمَةِ، فَإِذَا آل الأَْمْرُ إِلَى الْعَقْدِ عَقَدَ الْوَلِيُّ، وَالثَّانِي: يَعْقِدُ الصَّبِيُّ وَيَصِحُّ مِنْهُ هَذَا الْعَقْدُ لِلْحَاجَةِ (2) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ: إِلَى أَنَّ الإِْذْنَ مَحَل اعْتِبَارٍ، فَإِنْ كَانَ عَامًّا كَانَ لِلصَّغِيرِ أَنْ يُمَارِسَ التِّجَارَةَ بِشَكْلٍ عَامٍّ، وَإِنْ كَانَ خَاصًّا الْتَزَمَ الصَّغِيرُ بِهِ، فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يَأْذَنَ لِلصَّغِيرِ فِي التِّجَارَةِ وَعَلَى الصَّغِيرِ أَنْ يَلْتَزِمَ بِمَا حَدَّدَهُ لَهُ الْوَلِيُّ قَدْرًا وَنَوْعًا، فَإِذَا حَدَّدَ لَهُ الاِتِّجَارَ فِي نَوْعٍ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَعَدَّاهُ، أَوْ مَبْلَغًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَجَاوَزَهُ، وَإِذَا أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إِذْنًا مُطْلَقًا، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي غَيْرِهَا مِنْ وَكَالَةٍ أَوْ تَوْكِيلٍ، أَوْ رَهْنٍ أَوْ إِعَارَةٍ (3) .

مَنْ لَهُ حَقُّ الإِْذْنِ:
6 - حَقُّ الإِْذْنِ بِالتَّصَرُّفِ لِلْمَأْذُونِ يَكُونُ لِمَنْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ عَنْهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ، وَالْوَصِيُّ،
__________
(1) البهجة شرح التحفة للتسولي 2 / 302.
(2) روضة الطالبين 4 / 181، والقليوبي وعميرة 2 / 302.
(3) شرح منتهى الإرادات 2 / 296، 297، وكشاف القناع للبهوتي 3 / 457، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف 4 / 267 - 268.

الصفحة 8