كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 36)

وَالْقَاضِي، وَذَلِكَ بِشُرُوطٍ وَضَوَابِطَ بَيَّنَهَا الْفُقَهَاءُ فِي مَوَاضِعِهَا.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحَاتِ (إِذْنٌ ف 27، وَلِيٌّ، وَصِيٌّ) .

تَصَرُّفَاتُ الصَّغِيرِ الْمَأْذُونِ
7 - تَصَرُّفَاتُ الصَّغِيرِ تَعْتَرِيهَا حَالاَتٌ ثَلاَثٌ: فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ نَافِعَةً، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ ضَارَّةً، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ مُتَأَرْجِحَةً بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ.
وَهَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ بَعْضُهَا تَصِحُّ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، وَبَعْضُهَا لاَ تَصِحُّ وَلَوْ بِالإِْذْنِ، وَبَعْضُهَا لاَ يَحْتَاجُ إِلَى إِذْنٍ.
أ - فَالتَّصَرُّفَاتُ الَّتِي تَكُونُ نَافِعَةً لِلصَّغِيرِ، وَلاَ تَحْتَمِل الضَّرَرَ: مِنْ تَمَلُّكِ مَالٍ، أَوْ مَنْفَعَةٍ دُونَ مُقَابِلٍ، لاَ تَحْتَاجُ إِلَى إِذْنٍ، وَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ غَيْرَ الشَّافِعِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ: أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ وَالْمَالِكِيَّةَ قَالُوا بِأَنَّ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ يَصِحُّ لَهُ أَنْ يَقْبَل الْهِبَةَ الْمُطْلَقَةَ، وَأَنْ يَقْبِضَهَا، وَيَمْلِكَهَا بِقَبْضِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَلِيُّهُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ (1) .
وَلَمَّا كَانَ قَبُول الْهِبَةِ وَقَبْضُهَا نَفْعًا مَحْضًا لاَ
__________
(1) الهداية مع تكملة فتح القدير للمراغيناني 9 / 312، وشرح الحطاب على مختصر خليل 6 / 25، والمغني لابن قدامة 6 / 49، 50.
يَشُوبُهُ ضَرَرٌ، صَحَّ مِنَ الصَّبِيِّ مِنْ غَيْرِ إِذْنِ الْوَلِيِّ، لأَِجْل مَصْلَحَتِهِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ: إِلَى أَنَّ الصَّبِيَّ لاَ يَصِحُّ مِنْهُ قَبُول الْهِبَةِ وَلاَ يَقْبِضُهَا، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ، حَتَّى لَوْ قَبَضَهَا لَمْ يَمْلِكْهَا بِهَذَا الْقَبْضِ؛ لإِِبْطَالِهِمْ سَائِرَ تَصَرُّفَاتِ الصَّغِيرِ؛ لأَِنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ عَقْدَ هِبَةٍ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ أَهْلاً لإِِبْرَامِ الْعُقُودِ، وَإِنْ تَمَحَّضَ نَفْعًا (1) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ: إِلَى أَنَّ الصَّغِيرَ يَصِحُّ قَبُولُهُ الْهِبَةَ وَقَبْضُهَا، إِذَا أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ لَمْ يَصِحَّ قَبُولُهُ وَلاَ قَبْضُهُ؛ لأَِنَّ الْهِبَةَ عَقْدٌ، وَلاَ بُدَّ لِمَنْ يَقْبَل أَنْ يَكُونَ أَهْلاً لإِِبْرَامِ الْعُقُودِ، وَالصَّبِيُّ لَيْسَ أَهْلاً لِذَلِكَ إِلاَّ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ (2) .
وَلأَِنَّهُ بِالْقَبْضِ يَصِيرُ مُسْتَوْلِيًا عَلَى الْمَال، وَهُنَاكَ احْتِمَال تَضْيِيعِهِ أَوِ التَّفْرِيطِ فِي حِفْظِهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْفَظَ عَنْهُ وَيُمْنَعَ مِنْ قَبْضِهِ، أَمَّا إِذَا كَانَ بِالإِْذْنِ، فَإِنَّ الاِحْتِمَال هَذَا مَدْفُوعٌ (3) .
ب - أَمَّا التَّصَرُّفَاتُ الضَّارَّةُ الَّتِي تُؤَدِّي إِلَى ضَرَرٍ مَحْضٍ، وَلاَ تَحْتَمِل النَّفْعَ كَالْهِبَةِ وَالْوَقْفِ وَالْقَرْضِ، فَلاَ تَصِحُّ مِنَ الصَّغِيرِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ.
__________
(1) المجموع للنووي 9 / 166.
(2) الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي 4 / 269.
(3) المغني لابن قدامة 6 / 50.

الصفحة 9