كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 37)

مُوَرِّثِهِمْ عِنْدَهُمْ إِلاَّ عَلَى قَوْلٍ لِلشَّافِعِيِّ وَقَوْلٍ مَشْهُورٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ أَنَّهَا تُعْتَبَرُ ابْتِدَاءً عَطِيَّةً.
وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الإِْمَامُ الشَّافِعِيُّ فِي غَيْرِ الأَْظْهَرِ وَقَال: هِبَةُ الْمَرِيضِ الْمَقْبُوضَةُ لِوَارِثِ بَاطِلَةٌ مَرْدُودَةٌ (1) .

ثَانِيًا - هِبَةُ الْمَرِيضِ الْمَدِينِ الْمَقْبُوضَةُ
6 - إِذَا كَانَ الْمَرِيضُ الْوَاهِبُ مَدِينًا، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ دَيْنُهُ مُسْتَغْرِقًا لِمَالِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ:
فَإِنْ كَانَ الْمَرِيضُ مَدِينًا بِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ، وَوَهَبَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ، وَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ، فَلاَ تَنْفُذُ هِبَتُهُ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَوْهُوبُ أَقَل مِنَ الثُّلُثِ أَمْ أَكْثَرَ مِنْهُ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَجْنَبِيًّا مِنَ الْوَاهِبِ أَوْ وَارِثًا لَهُ، بَل تَتَوَقَّفُ عَلَى إِجَازَةِ الدَّائِنِينَ، فَإِنْ أَجَازُوهَا نَفَذَتْ، وَإِنْ رَدُّوهَا بَطَلَتْ، وَقَدْ جَاءَ فِي مَجَلَّةِ الأَْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ: إِذَا وَهَبَ مَنِ اسْتَغْرَقَتْ تَرِكَتُهُ بِالدُّيُونِ أَمْوَالَهُ لِوَارِثِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَسَلَّمَهَا، ثُمَّ تُوُفِّيَ، فَلأَِصْحَابِ الدُّيُونِ إِلْغَاءُ الْهِبَةِ، وَإِدْخَال أَمْوَالِهِ فِي قِسْمَةِ الْغُرَمَاءِ.
أَمَّا إِذَا كَانَ الْمَرِيضُ الْوَاهِبُ مَدِينًا بِدَيْنٍ غَيْرِ مُسْتَغْرِقٍ، وَقَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَال
__________
(1) الأم 4 / 32 ط. بولاق
الْمَوْهُوبَ، فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُخْرَجُ مِقْدَارُ الدُّيُونِ مِنَ التَّرِكَةِ، وَيُحْكَمُ عَلَى الْهِبَةِ فِي الْمَبْلَغِ الزَّائِدِ بِنَفْسِ الْحُكْمِ عَلَيْهَا فِي حَالَةِ مَا إِذَا كَانَتِ التَّرِكَةُ خَالِيَةً عَنِ الدَّيْنِ (1) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (هِبَةٌ) .

ثَالِثًا - هِبَةُ الْمَرِيضِ غَيْرِ الْمَقْبُوضَةِ
7 - إِذَا وَهَبَ الْمَرِيضُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ، وَلَمْ يَقْبِضِ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْعَيْنَ الْمَوْهُوبَةَ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا لِلْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ: وَهُوَ أَنَّ الْهِبَةَ تَبْطُل فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِمَوْتِ الْوَاهِبِ قَبْل الْقَبْضِ، كَمَا تَبْطُل أَيْضًا لَوْ كَانَ الْوَاهِبُ صَحِيحًا وَقْتَ الْهِبَةِ، قَالُوا: وَلاَ تَنْقَلِبُ هِبَةُ الْمَرِيضِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَصِيَّةً، لأَِنَّهَا صِلَةٌ، وَالصِّلاَتُ يُبْطِلُهَا الْمَوْتُ كَالنَّفَقَاتِ، وَلأَِنَّ الْوَاهِبَ أَرَادَ التَّمْلِيكَ فِي الْحَال لاَ بَعْدَ الْمَوْتِ، إِذِ الْهِبَةُ مِنَ الْعُقُودِ الَّتِي تَقْتَضِي التَّمْلِيكَ الْمُنَجَّزَ فِي الْحَيَاةِ (2) .
قَال الشَّافِعِيُّ: إِذَا وَهَبَ الرَّجُل فِي مَرَضِهِ الْهِبَةَ، فَلَمْ يَقْبِضْهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ حَتَّى مَاتَ
__________
(1) مجلة الأحكام العدلية المادة 880 وشروحها.
(2) المبسوط 12 / 102، ورد المحتار 4 / 710 ط. بولاق، وجامع الفصولين 2 / 180، والفتاوى البزازية 6 / 240، والعقود الدرية لابن عابدين 2 / 82.

الصفحة 11