كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 37)

حَقُّهُمْ، وَهُوَ الْمَالِيَّةُ، فَكَانَ الْوَارِثُ وَالأَْجْنَبِيُّ فِي ذَلِكَ سَوَاءً (1) .
أَمَّا إِذَا بَاعَ الْمَرِيضُ وَارِثَهُ عَيْنًا مِنْ مَالِهِ وَحَابَاهُ فِي الثَّمَنِ، فَإِنَّ الْبَيْعَ يَتَوَقَّفُ عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ، سَوَاءٌ حَمَل ثُلُثُ مَالِهِ هَذِهِ الْمُحَابَاةَ أَمْ لَمْ يَحْمِلْهَا، فَإِنْ أَجَازُوهُ نَفَذَ، وَإِلاَّ خُيِّرَ الْوَارِثُ بَيْنَ أَنْ يَبْلُغَ الْمَبِيعُ تَمَامَ الْقِيمَةِ، وَعِنْدَهَا يَسْقُطُ حَقُّ الْوَرَثَةِ فِي الاِعْتِرَاضِ عَلَيْهِ، وَبَيْنَ أَنْ يُفْسَخَ الْبَيْعُ، وَيُرَدَّ الْمَبِيعُ إِلَى التَّرِكَةِ، وَيَسْتَلِمَ الثَّمَنَ الَّذِي دَفَعَهُ لِلْمُوَرِّثِ (2) .
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: الْبَيْعُ يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إِجَازَةِ بَاقِي الْوَرَثَةِ، فَإِنْ أَجَازُوهُ نَفَذَ، وَإِنْ رَدُّوهُ بَطَل، سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَدَل مُسَاوِيًا لِمِثْل الْقِيمَةِ أَمْ كَانَ فِيهِ مُحَابَاةٌ (3) .
وَهُوَ الْقَوْل الرَّاجِحُ فِي الْمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ، وَبِهِ قَال أَبُو الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ (4) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا بَاعَ الْمَرِيضُ وَارِثَهُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ دُونَ مُحَابَاةٍ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَنَافِذٌ عَلَى
__________
(1) كشف الأسرار على أصول البزدوي 4 / 1429، ورد المحتار 4 / 193، والمبسوط 14 / 150 واختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى ص29، شرح المجلة للأتاسي 2 / 409.
(2) رد المحتار 4 / 193.
(3) المبسوط 14 / 150، رد المحتار 4 / 193، والعقود الدرية لابن عابدين 2 / 268، وكشف الأسرار 4 / 1429 وما بعدها، واختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى ص29، فتاوى قاضيخان 2 / 177، وانظر م (393) من مجلة الأحكام العدلية، وم (264) من مرشد الحيران.
(4) الإنصاف للمرداوي 7 / 172.
الْبَدَل الْمُسَمَّى (1) .
أَمَّا إِذَا حَابَى الْمَرِيضُ وَارِثَهُ فِي الْبَيْعِ، فَإِنْ حَابَاهُ فِي الثَّمَنِ كَأَنْ بَاعَهُ بِمِائَةٍ مَا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ مَثَلاً، فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ بِقَدْرِ الْمُحَابَاةِ كُلِّهَا إِنْ لَمْ يُجِزْهَا الْوَرَثَةُ، وَلاَ تُعْتَبَرُ الْمُحَابَاةُ مِنَ الثُّلُثِ، وَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَنْفُذُ فِيمَا عَدَاهَا، وَتُعْتَبَرُ إِجَازَةُ الْوَرَثَةِ لِلْقَدْرِ الْمُحَابَى بِهِ ابْتِدَاءً عَطِيَّةً مِنْهُمْ تَفْتَقِرُ إِلَى حَوْزٍ، قَالُوا: وَالْمُعْتَبَرُ فِي تَقْدِيرِ مُحَابَاتِهِ لِيَوْمِ الْبَيْعِ لاَ لِيَوْمِ الْحُكْمِ، وَلاَ عِبْرَةَ بِتَغَيُّرِ الأَْسْوَاقِ بَعْدَ ذَلِكَ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ (2) .
أَمَّا إِذَا حَابَى الْمَرِيضُ وَارِثَهُ فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ، كَأَنْ يَقْصِدَ إِلَى خِيَارِ مَا يَمْلِكُهُ فَيَبِيعَهُ مِنْ وَلَدِهِ، فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ نَقْضُ ذَلِكَ الْبَيْعِ، وَلَوْ كَانَ بِثَمَنِ الْمِثْل أَوْ أَكْثَرَ (3) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَبِيعَ مَا شَاءَ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ إِلَى أَيِّ شَخْصٍ مِنْ وَرَثَتِهِ، وَيَنْفُذَ بَيْعُهُ عَلَى الْعِوَضِ الْمُسَمَّى إِذَا كَانَ الْبَيْعُ بِمِثْل الْقِيمَةِ أَوْ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ (4) ، أَمَّا إِذَا كَانَ فِي الْبَدَل مُحَابَاةٌ
__________
(1) المدونة 3 / 222.
(2) البهجة شرح التحفة للتسولي 2 / 82، والخرشي على خليل 5 / 305، والمنتقى للباجي 6 / 158، وتوضيح الأحكام للتوزري 3 / 74.
(3) شرح ابن سودة على التحفة 2 / 44، وشرح ابن ناجي على الرسالة 2 / 315، وتوضيح الأحكام 3 / 74، والبهجة شرح التحفة 2 / 83.
(4) نهاية المحتاج 5 / 408، والمهذب 1 / 460، والأم 7 / 97.

الصفحة 19