كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 37)

الاِحْتِرَازَ عَمَّا يُخِل بِالْمُرُوءَةِ عَادَةً ظَاهِرًا (1) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ وَعَدَمُ الإِْصْرَارِ عَلَى صَغِيرَةٍ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ أَوْ أَنْوَاعٍ (2) .

الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمُرُوءَةِ:
الْمُرُوءَةُ فِي الشَّهَادَةِ
3 - الْمُرُوءَةُ مِنْ لَوَازِمِ قَبُول الشَّهَادَةِ، فَيُشْتَرَطُ فِي الشَّاهِدِ فَوْقَ اجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ وَعَدَمِ الإِْصْرَارِ عَلَى الصَّغَائِرِ: التَّرَفُّعُ عَنِ ارْتِكَابِ الأُْمُورِ الدَّنِيئَةِ الْمُزْرِيَةِ بِالْمَرْءِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَرَامًا، وَهِيَ كُل مَا يُذَمُّ فَاعِلُهُ عُرْفًا مِنْ أَمْثَالِهِ فِي زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ، لأَِنَّ الأُْمُورَ الْعُرْفِيَّةَ قَلَّمَا تَنْضَبِطُ، بَل تَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ الأَْشْخَاصِ وَالأَْزْمِنَةِ وَالْبُلْدَانِ (3) .

مُسْقِطَاتُ الْمُرُوءَةِ
تَسْقُطُ الْمُرُوءَةُ بِالأُْمُورِ الدَّنِيئَةِ وَهِيَ نَوْعَانِ:
4 - أَحَدُهُمَا فِي الأَْفْعَال: كَالأَْكْل فِي السُّوقِ وَكَشْفِ مَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِتَغْطِيَتِهِ مِنْ بَدَنِهِ،
__________
(1) المصباح المنير.
(2) مغني المحتاج 4 / 427، والمغني 9 / 167.
(3) حاشية ابن عابدين 4 / 382 - 383، وفتح القدير 6 / 485 - 486، ومغني المحتاج 4 / 431، والخرشي 7 / 77، والمغني 9 / 168 - 169.
وَكَشْفِ رَأْسِهِ فِي بَلَدٍ يُعَدُّ فِعْلُهُ خَفَّةً وَسُوءَ أَدَبٍ، وَالْبَوْل عَلَى الطَّرِيقِ وَمَدِّ رِجْلِهِ عِنْدَ النَّاسِ، وَالتَّمَسْخُرِ بِمَا يَضْحَكُ النَّاسُ بِهِ، وَمُخَاطَبَةُ امْرَأَتِهِ بِالْخِطَابِ الْفَاحِشِ، وَمَشْيُ الْوَاجِدِ حَافِيًا، فَفَاعِل هَذِهِ الأَْشْيَاءِ وَنَحْوِهَا تَسْقُطُ مُرُوءَتُهُ فَلاَ تَقْبَل شَهَادَتُهُ، وَإِنِ اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ وَلَمْ يُصِرَّ عَلَى الصَّغَائِرِ لأَِنَّهَا سُخْفٌ وَدَنَاءَةٌ، فَمَنْ رَضِيَ لِنَفْسِهِ هَذِهِ الأَْفْعَال وَاسْتَحْسَنَهَا فَلَيْسَتْ لَهُ مُرُوءَةٌ، فَلاَ تَحْصُل الثِّقَةُ بِقَوْلِهِ، وَلأَِنَّ الْمُرُوءَةَ تَمْنَعُ عَنِ الْكَذِبِ وَتَزْجُرُ عَنْهُ، وَلِهَذَا يَمْتَنِعُ مِنْهُ ذُو الْمُرُوءَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَا دِينٍ، وَإِذَا كَانَتِ الْمُرُوءَةُ مَانِعَةً مِنَ الْكَذِبِ اعْتُبِرَتْ فِي الْعَدَالَةِ كَالدِّينِ، وَيُشْتَرَطُ فِي انْخِرَامِ الْعَدَالَةِ بِالأَْفْعَال الْمَذْكُورَةِ أَنْ يَفْعَلَهَا فِي مَحْضَرٍ مِنَ النَّاسِ وَأَنْ يَتَّخِذَهَا عَادَةً، فَإِنْ فَعَلَهَا مُخْتَفِيًا أَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً لَمْ تَسْقُطْ بِهَا الْمُرُوءَةُ، لأَِنَّ صَغَائِرَ الْمَعَاصِي لاَ تُؤَثِّرُ فِي الْعَدَالَةِ إِذَا لَمْ تَتَكَرَّرْ مِنْهُ، فَهَذَا أَوْلَى (1) .
وَتَخْتَلِفُ الْمُرُوءَةُ بِاخْتِلاَفِ الأَْشْخَاصِ وَالأَْزْمَانِ وَالأَْمَاكِنِ، فَقَدْ يُسْتَقْبَحُ فِعْل شَيْءٍ مَا
__________
(1) المغني 9 / 168 - 169، وفتح القدير 6 / 485 - 486، وروضة القضاة للسمناني 1 / 239، والخرشي 7 / 177، والقوانين الفقهية ص203، ومغني المحتاج 4 / 431.

الصفحة 34