كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 38)
مَظَالِمُ
التَّعْرِيفُ:
1 - الْمَظَالِمُ لُغَةً: جَمْعُ مَظْلَمَةٍ بِفَتْحِ اللاَّمِ وَكَسْرِهَا، مَصْدَرُ ظَلَمَ يَظْلِمُ، اسْمٌ لِمَا أُخِذَ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَهِيَ مَا تَطْلُبُهُ عِنْدَ الظَّالِمِ، وَأَصْل الظُّلْمِ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، وَعِنْدَ فُلاَنٍ ظُلاَمَتِي وَمَظْلِمَتِي: أَيْ حَقِّي الَّذِي ظُلِمْتُهُ (1) .
وَالظُّلْمُ فِي الاِصْطِلاَحِ: التَّعَدِّي عَنِ الْحَقِّ إِِلَى الْبَاطِل، وَهُوَ الْجَوْرُ، وَقِيل: هُوَ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ، وَمُجَاوَزَةُ الْحَدِّ (2) .
وَالظُّلْمُ ثَلاَثَةُ أَنْوَاعٍ:
الأَْوَّل: ظُلْمٌ بَيْنَ الإِِِْنْسَانِ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَعْظَمُهُ: الْكُفْرُ وَالشِّرْكُ وَالنِّفَاقُ، قَال تَعَالَى: {إِِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} ، (3) وَقَال تَعَالَى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ} . (4)
الثَّانِي: ظُلْمٌ بَيْنَ الإِِِْنْسَانِ وَبَيْنَ النَّاسِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِِنَّمَا السَّبِيل عَلَى الَّذِينَ
__________
(1) القاموس المحيط، ولسان العرب، والمصباح المنير، ومختار الصحاح، وأساس البلاغة مادة (ظلم) .
(2) التعريفات للجرجاني، وكشاف اصطلاحات الفنون 4 / 938 ط. خياط - بيروت، ودستور العلماء 2 / 287.
(3) سورة لقمان / 13
(4) سورة الزمر / 32.
يَظْلِمُونَ النَّاسَ} ، (1) وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ قُتِل مَظْلُومًا} . (2)
الثَّالِثُ: ظُلْمٌ بَيْنَ الإِِِْنْسَانِ وَبَيْنَ نَفْسِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} ، (3) وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} . (4)
وَكُل هَذِهِ الثَّلاَثَةِ فِي الْحَقِيقَةِ ظُلْمٌ لِلنَّفْسِ، فَإِِِنَّ الإِِِْنْسَانَ فِي أَوَّل مَا يَهِمُّ بِالظُّلْمِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ، فَإِِِذًا الظَّالِمُ أَبَدًا مُبْتَدِئٌ فِي الظُّلْمِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الأَْرْضِ جَمِيعًا} ، (5) يَتَنَاوَل الأَْنْوَاعَ الثَّلاَثَةَ مِنَ الظُّلْمِ فَمَا مِنْ أَحَدٍ كَانَ مِنْهُ ظُلْمٌ فِي الدُّنْيَا إِِلاَّ وَلَوْ حَصَل لَهُ مَا فِي الأَْرْضِ وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَكَانَ يَفْتَدِي بِهِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى} ، (6) تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الظُّلْمَ لاَ يُجْدِي وَلاَ يُخَلِّصُ بَل يُرْدِي (7) .
فَالْمَظَالِمُ هِيَ الْحُقُوقُ الَّتِي أُخِذَتْ ظُلْمًا، وَقَدْ دَعَا الشَّرْعُ الْحَنِيفُ إِِلَى إِِقَامَةِ الْعَدْل فِيهَا
__________
(1) سورة الشورى / 42
(2) سورة الإسراء / 33.
(3) سورة فاطر / 32.
(4) سورة البقرة / 231.
(5) سورة الزمر / 47.
(6) سورة النجم / 52
(7) المفردات للأصفهاني، وبصائر ذوي التمييز 3 / 540.
الصفحة 126