كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 38)
أ - مَظَالِمُ تَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَالزَّكَوَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالنُّذُورِ وَالْحُدُودِ وَالْعِبَادَاتِ وَارْتِكَابِ الْمُحَرَّمَاتِ.
ب - مَظَالِمُ تَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِ الْعِبَادِ كَالْغُصُوبِ، وَإِِِنْكَارِ الْوَدَائِعِ، وَالأَْرْزَاقِ، وَالْجِنَايَاتِ فِي النَّفْسِ وَالأَْعْرَاضِ.
قَال الْغَزَالِيُّ: وَمَظَالِمُ الْعِبَادِ إِِمَّا فِي النُّفُوسِ أَوِ الأَْمْوَال أَوِ الأَْعْرَاضِ أَوِ الْقُلُوبِ (1) .
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ لِرَفْعِ الْمَظَالِمِ
6 - الْمَظَالِمُ مِنَ الظُّلْمِ، وَالظُّلْمُ حَرَامٌ قَطْعًا بِالنُّصُوصِ الْمُتَوَاتِرَةِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَالسُّنَّةِ الشَّرِيفَةِ وَإِِِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ.
وَرَفْعُ الظُّلْمِ وَاجِبٌ شَرْعًا عَلَى كُل مُسْلِمٍ، وَهُوَ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى الْخَلِيفَةِ أَوِ الإِِِْمَامِ الَّذِي أُنِيطَ بِهِ حِفْظُ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَإِِِقَامَةُ الْعَدْل، وَرَفْعُ الظُّلْمِ وَالْعُدْوَانِ (2) .
وَفِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: يَا عِبَادِي، إِِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ
__________
(1) إحياء علوم الدين 4 / 53 - 54 ط. دار الهادي - بيروت.
(2) الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 27، ومقدمة ابن خلدون ص 191
مُحَرَّمًا فَلاَ تَظَّالَمُوا. (1) وَالْمُرَادُ لاَ يَظْلِمُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا.
وَالْخَلِيفَةُ إِِمَّا أَنْ يَقُومَ بِذَلِكَ بِنَفْسِهِ، وَإِِِمَّا أَنْ يُنِيبَ عَنْهُ وَالِيًا أَوْ أَمِيرًا أَوْ قَاضِيًا، أَوْ يَجْمَعَ بَيْنَ الأَْمْرَيْنِ، وَتَوَلِّي الْقَضَاءِ فَرْضُ كِفَايَةٍ لِمَنْ تَتَوَفَّرُ فِيهِ الشُّرُوطُ، وَرَفْعُ الْمَظَالِمِ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى الْقَاضِي الْمُعَيَّنِ مِنَ الإِِِْمَامِ (2) .
وَرَغَّبَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَدِّ الْمَظَالِمِ إِِلَى أَهْلِهَا قَبْل أَنْ يُحَاسَبَ الإِِِْنْسَانُ عَلَيْهَا، فَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: غَلاَ السِّعْرُ عَلَى عَهْدِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ سَعِّرْ لَنَا، فَقَال: إِِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ، الْبَاسِطُ الرَّازِقُ، وَإِِِنِّي لأََرْجُو أَنْ أَلْقَى رَبِّي وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَطْلُبُنِي بِمَظْلِمَةِ فِي دَمٍ وَلاَ مَالٍ. (3)
وَنَظَرَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَظَالِمِ بِنَفْسِهِ لِمَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَْنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا النَّخْل، فَقَال الأَْنْصَارِيُّ: سَرِّحِ الْمَاءَ يَمُرَّ، فَأَبَى عَلَيْهِ، فَاخْتَصَمَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال رَسُول اللَّهِ
__________
(1) حديث: " يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي. . . ". أخرجه مسلم (4 / 1994) من حديث أبي ذر.
(2) شرح صحيح مسلم 16 / 134.
(3) حديث أنس: " غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . " أخرجه الترمذي (3 / 597) وقال: " حديث حسن صحيح ".
الصفحة 128