كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 38)
الأَْحْكَامِ، وَالأَْصْل فِي هَذَا مَا وَرَدَ فِي كِتَابِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا صَالَحَ نَصَارَى الشَّامِ كَتَبَ إِِلَيْهِمْ كِتَابًا: " إِِنَّهُمْ لاَ يَبْنُونَ فِي بِلاَدِهِمْ وَلاَ فِيمَا حَوْلَهَا دَيْرًا وَلاَ كَنِيسَةً وَلاَ صَوْمَعَةَ رَاهِبٍ. . . " (1) .
وَقَال الدُّسُوقِيُّ فِي كَرَاهَةِ الصَّلاَةِ فِيهَا: وَتُكْرَهُ الصَّلاَةُ بِمُتَعَبَّدِ الْكُفَّارِ سَوَاءٌ كَانَ كَنِيسَةً أَوْ بِيعَةً، أَوْ بَيْتَ نَارٍ (2) .
وَقَال الْبُهُوتِيُّ وَابْنُ قُدَامَةَ فِي الْوَقْفِ: وَلاَ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى كَنَائِسَ، وَبُيُوتِ نَارٍ، وَبِيَعٍ وَصَوَامِعَ، وَدُيُورَةٍ وَمَصَالِحِهَا (3) .
وَنَصَّ ابْنُ الْقَيِّمِ بَعْدَ ذِكْرِ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْمَعَابِدِ عَلَى أَنَّ: حُكْمَ هَذِهِ الأَْمْكِنَةِ كُلِّهَا حُكْمُ الْكَنِيسَةِ، وَيَنْبَغِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا (4) .
وَتَفْصِيل الأَْحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَعَابِدِ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
إِِحْدَاثُ الْمَعَابِدِ فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ
11 - يَخْتَلِفُ حُكْمُ إِِحْدَاثِ الْمَعَابِدِ فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ بِاخْتِلاَفِ الأَْمْصَارِ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
أ - مَا اخْتَطَّهُ الْمُسْلِمُونَ كَالْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ،
__________
(1) مغني المحتاج 4 / 253.
(2) حاشية الدسوقي 1 / 189.
(3) كشاف القناع 4 / 246، والمغني 5 / 645.
(4) أحكام أهل الذمة 2 / 669.
فَلاَ يَجُوزُ فِيهَا إِِحْدَاثُ كَنِيسَةٍ وَلاَ بِيعَةٍ وَلاَ مُجْتَمَعٍ لِصَلاَتِهِمْ وَلاَ صَوْمَعَةٍ بِإِِِجْمَاعِ أَهْل الْعِلْمِ.
ب - مَا فَتَحَهُ الْمُسْلِمُونَ عِنْوَةً، فَلاَ يَجُوزُ فِيهِ إِِحْدَاثُ شَيْءٍ بِالاِتِّفَاقِ لأَِنَّهُ صَارَ مِلْكًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَاخْتَلَفُوا فِي هَدْمِ مَا كَانَ فِيهِ كَمَا يَأْتِي فِيمَا بَعْدُ.
ج - مَا فَتَحَهُ الْمُسْلِمُونَ صُلْحًا: فَإِِِنْ صَالَحُوهُمْ عَلَى أَنَّ الأَْرْضَ لَهُمْ وَالْخَرَاجَ لَنَا جَازَ الإِِِْحْدَاثُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَإِِِنْ صَالَحُوهُمْ عَلَى أَنَّ الدَّارَ لَنَا وَيُؤَدُّونَ الْجِزْيَةَ فَلاَ يَجُوزُ الإِِِْحْدَاثُ إِِلاَّ إِِذَا شَرَطُوا ذَلِكَ، وَإِِِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ مُطْلَقًا لاَ يَجُوزُ الإِِِْحْدَاثُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (1) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (أَهْل الذِّمَّةِ ف 24 - 25) .
هَدْمُ الْمَعَابِدِ الْقَدِيمَةِ
12 - الْمُرَادُ مِنَ الْمَعَابِدِ الْقَدِيمَةِ مَا كَانَتْ قَبْل فَتْحِ الإِِِْمَامِ بَلَدَ الْكُفَّارِ وَمُصَالَحَتِهِمْ عَلَى إِِقْرَارِهِمْ عَلَى بَلَدِهِمْ وَعَلَى دِينِهِمْ، وَلاَ يُشْتَرَطُ
__________
(1) حاشية ابن عابدين 3 / 271 وما بعدها، وفتح القدير 4 / 378، وبدائع الصنائع 4 / 166، وحاشية الدسوقي 2 / 204، ومغني المحتاج 4 / 253، 254، وأسنى المطالب 4 / 219، 220، وحاشية الجمل 5 / 223، 254، والمغني 8 / 526، 527.
الصفحة 150