كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 38)

لاَزِمٍ، سَوَاءٌ أَشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ أَمْ لاَ، وَسَوَاءٌ خَرَجَ الْمَوْقُوفُ مِنْ تَحْتِ يَدِ الْوَاقِفِ أَمْ لاَ (1) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِِلَى أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى الْكَنَائِسِ الَّتِي لِلتَّعَبُّدِ، وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ مِنْ ذِمِّيٍّ، وَسَوَاءٌ فِيهِ إِِنْشَاءُ الْكَنَائِسِ وَتَرْمِيمُهَا، مَنَعْنَا التَّرْمِيمَ أَوْ لَمْ نَمْنَعْهُ، لأَِنَّهُ إِِعَانَةٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، وَكَذَلِكَ لاَ يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَى حُصْرِهَا، أَوِ الْوَقُودِ بِهَا أَوْ عَلَى ذِمِّيٍّ خَادِمٍ لِكَنِيسَةٍ لِلتَّعَبُّدِ.
وَيَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَى كَنِيسَةٍ تَنْزِلُهَا الْمَارَّةُ، أَوْ مَوْقُوفَةٌ عَلَى قَوْمٍ يَسْكُنُونَهَا (2) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لاَ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى كَنَائِسَ وَبُيُوتِ نَارٍ، وَصَوَامِعَ، وَدُيُورَةٍ وَمَصَالِحِهَا كَقَنَادِيلِهَا وَفُرُشِهَا وَوَقُودِهَا وَسَدَنَتِهَا، لأَِنَّهُ مَعُونَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ مِنْ ذِمِّيٍّ.
وَيَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى مَنْ يَنْزِلُهَا مِنْ مَارٍّ وَمُجْتَازٍ بِهَا فَقَطْ، لأَِنَّ الْوَقْفَ عَلَيْهِمْ لاَ عَلَى الْبُقْعَةِ، وَالصَّدَقَةُ عَلَيْهِمْ جَائِزَةٌ (3) .

الْوَصِيَّةُ لِبِنَاءِ الْمَعَابِدِ وَتَعْمِيرِهَا
33 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ الْوَصِيَّةِ لِبِنَاءِ
__________
(1) حاشية الدسوقي 4 / 78، والشرح الصغير 4 / 116، 118.
(2) حاشية الجمل 3 / 576، 579، وأسنى المطالب 2 / 460، 461.
(3) كشاف القناع 4 / 246.
الْكَنِيسَةِ أَوْ تَعْمِيرِهَا أَوْ نَحْوِهِمَا عَلَى أَقْوَالٍ كَمَا يَلِي:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِِلَى أَنَّهُ إِِذَا أَوْصَى الذِّمِّيُّ أَنْ تُبْنَى دَارُهُ بِيعَةً أَوْ كَنِيسَةً فَإِِِذَا كَانَتِ الْوَصِيَّةُ لِمُعَيَّنِينَ أَيْ: مَعْلُومِينَ يُحْصَى عَدَدُهُمْ فَهُوَ جَائِزٌ مِنَ الثُّلُثِ اتِّفَاقًا بَيْنَهُمْ، لأَِنَّ الْوَصِيَّةَ فِيهَا مَعْنَى الاِسْتِخْلاَفِ وَمَعْنَى التَّمْلِيكِ، وَلِلذِّمِّيِّ وِلاَيَةُ ذَلِكَ فَأَمْكَنَ تَصْحِيحَهُ عَلَى اعْتِبَارِ الْمَعْنَيَيْنِ، وَلَكِنْ لاَ يَلْزَمُهُمْ جَعْلُهَا كَنِيسَةً وَيُجْعَل تَمْلِيكًا، وَلَهُمْ أَنْ يَصْنَعُوا بِهِ مَا شَاءُوا.
وَأَمَّا إِِنْ أَوْصَى لِقَوْمٍ غَيْرِ مُسَمَّينَ صَحَّتِ الْوَصِيَّةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، لأَِنَّهُمْ يُتْرَكُونَ وَمَا يَدِينُونَ، فَتَصِحُّ لأَِنَّ هَذَا قُرْبَةٌ فِي اعْتِقَادِهِمْ، وَلاَ يَصِحُّ عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ، لأَِنَّهُ مَعْصِيَةٌ، وَالْوَصِيَّةُ بِالْمَعَاصِي لاَ تَصِحُّ لِمَا فِي تَنْفِيذِهَا مِنْ تَقْرِيرِهَا.
وَهَذَا الْخِلاَفُ فِيمَا إِِذَا أَوْصَى بِبِنَاءِ بِيعَةٍ أَوْ كَنِيسَةٍ فِي الْقُرَى، فَأَمَّا فِي الْمِصْرِ فَلاَ يَجُوزُ بِالاِتِّفَاقِ بَيْنَهُمْ، لأَِنَّهُمْ لاَ يُمَكَّنُونَ مِنْ إِِحْدَاثِ ذَلِكَ فِي الأَْمْصَارِ (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِِنْ أَوْصَى نَصْرَانِيٌّ بِمَالِهِ لِكَنِيسَةٍ وَلاَ وَارِثَ لَهُ دُفِعَ الثُّلُثُ إِِلَى الأُْسْقُفِ يَجْعَلُهُ حَيْثُ ذَكَرَهُ، وَالثُّلُثَانِ لِلْمُسْلِمِينَ (2) .
__________
(1) حاشية ابن عابدين 5 / 445، وتكملة فتح القدير والعناية على الهامش 8 / 485، 486، وبدائع الصنائع 7 / 341.
(2) مواهب الجليل 6 / 365.

الصفحة 160