كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 38)

يُجَوِّزْ بَيْعَهُ فَلاَ يَجُوزُ عِنْدَهُ رَهْنُهُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ (1) .

وَقْفُ الْمُصْحَفِ
26 - يَجُوزُ وَقْفُ الْمَصَاحِفِ لِلْقِرَاءَةِ فِيهَا عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، اسْتِثْنَاءً مِنْ عَدَمِ جَوَازِ وَقْفِ الْمَنْقُولاَتِ لِجَرَيَانِ التَّعَارُفِ بِوَقْفِ الْمَصَاحِفِ، وَإِِِلَى قَوْلِهِ هَذَا ذَهَبَ عَامَّةُ مَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى عِنْدَهُمْ، وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْل غَيْرِهِمْ بِجِوَازِ وَقْفِ الْمَنْقُولاَتِ.
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِِلَى عَدَمِ جَوَازِ وَقْفِهَا كَسَائِرِ الْمَنْقُولاَتِ غَيْرِ آلاَتِ الْجِهَادِ.
ثُمَّ إِِنْ وَقَفَهُ عَلَى مَسْجِدٍ مُعَيَّنٍ يَجُوزُ، وَيَقْرَأُ بِهِ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ خَاصَّةً، نَصَّ عَلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ، وَفِي قَوْلٍ عِنْدَهُمْ: لاَ يَكُونُ مَقْصُورًا عَلَى هَذَا الْمَسْجِدِ بِعَيْنِهِ (2) .

إِِرْثُ الْمُصْحَفِ
27 - يُورَّثُ الْمُصْحَفُ عَلَى الْقَوْل الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوَاعِدِ غَيْرِهِمْ مِنْ أَنَّ كُل مَمْلُوكٍ يُورَّثُ عَنْ مَالِكِهِ.
وَفِي قَوْلٍ عِنْدً الْحَنَفِيَّةِ: لاَ يُورَّثُ، وَهُوَ قَوْل النَّخَعِيِّ، فَلَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلَدَانِ أَحَدُهُمَا
__________
(1) المغني 4 / 343، والفتاوى الهندية 5 / 435.
(2) الفتاوى الهندية 2 / 361.
قَارِئٌ وَالآْخَرُ غَيْرُ قَارِئٍ، يُعْطَى الْمُصْحَفُ لِلْقَارِئِ (1) .

الْقَطْعُ بِسَرِقَةِ الْمُصْحَفِ
28 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ قَوْل أَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى مِنَ الْحَنَابِلَةِ إِِلَى أَنَّ سَارِقَ الْمُصْحَفِ لاَ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: لأَِنَّ آخُذَهُ يَتَأَوَّل فِي أَخْذِهِ الْقِرَاءَةَ وَالنَّظَرَ فِيهِ، وَلأَِنَّهُ لاَ مَالِيَّةَ لَهُ لاِعْتِبَارِ الْمَكْتُوبِ فِيهِ وَهُوَ كَلاَمُ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ لاَ يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ، وَإِِِنَّمَا يُقْتَنَى الْمُصْحَفُ لأَِجْلِهِ، لاَ لأَِجْل أَوْرَاقِهِ أَوْ جِلْدِهِ.
وَيَسْرِي ذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى مَا عَلَى الْمُصْحَفِ مِنَ الْحِلْيَةِ لِكَوْنِهِ فِي حُكْمِ التَّابِعِ لَهُ، وَلِلتَّابِعِ حُكْمُ الْمَتْبُوعِ، كَمَنْ سَرَقَ صَبِيًّا عَلَيْهِ ثِيَابٌ قِيمَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ نِصَابٍ فَلاَ يُقْطَعُ بِهَا، لأَِنَّهَا تَابِعَةٌ لِلصَّبِيِّ وَلاَ قَطْعَ فِي سَرِقَتِهِ، وَفِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ نَقَل عَنِ السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ: لاَ قَطْعَ فِي سَرِقَةِ الْمُصْحَفِ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ حِلْيَةٌ تُسَاوِي أَلْفَ دِينَارٍ.
وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ، وَهُوَ مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ قُدَامَةَ مِنْ كَلاَمِ الإِِِْمَامِ أَحْمَدَ إِِلَى أَنَّهُ يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ الْمُصْحَفِ، لِعُمُومِ آيَةِ السَّرِقَةِ، وَلأَِنَّهُ
__________
(1) الدر المختار بهامش حاشية ابن عابدين 5 / 486، والفتاوى الهندية 2 / 361، والإتقان للسيوطي 2 / 172.

الصفحة 18