كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 38)

يَلْزَمْهُ الزَّكَاةُ، لأَِنَّهَا لاَ تَجِبُ فِيمَا دُونَ النِّصَابِ، وَلأَِنَّهُ حَقٌّ يَتَعَلَّقُ بِالْمُسْتَفَادِ مِنَ الأَْرْضِ فَاعْتُبِرَ فِيهِ النِّصَابُ كَالْعُشْرِ، وَإِِنْ وَجَدَ النِّصَابَ فِي دُفُعَاتٍ فَإِِنْ لَمْ يَنْقَطِعِ الْعَمَل وَلاَ النَّيْل ضُمَّ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ فِي إِتْمَامِ النِّصَابِ، وَكَذَا إِنْ قُطِعَ الْعَمَل لِعُذْرِ، وَيَجِبُ حَقُّ الْمَعْدِنِ بِالْوُجُودِ وَلاَ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَوْل فِي أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ لأَِنَّ الْحَوْل يُرَادُ لِكَمَال النَّمَاءِ وَبِالْوُجُودِ يَصِل إِلَى النَّمَاءِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ الْحَوْل كَالْمُعَشَّرِ. وَقَال فِي الْبُوَيْطِيِّ لاَ يَجِبُ حَتَّى يَحُول عَلَيْهِ الْحَوْل، لأَِنَّهُ زَكَاةُ مَالٍ تَتَكَرَّرُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَاعْتُبِرَ فِيهِ الْحَوْل كَسَائِرِ الزَّكَوَاتِ.
وَفِي مَا يَجِبُ مِنَ الزَّكَاةِ أَقْوَالٌ مَشْهُورَةٌ، وَالصَّحِيحُ مِنْهَا: وُجُوبُ رُبُعِ الْعُشْرِ، قَال الْمَاوَرْدِيُّ: هُوَ نَصُّهُ فِي الأُْمِّ وَالإِِْمْلاَءِ، وَقِيل يَجِبُ الْخُمُسُ لأَِنَّهُ مَالٌ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ بِالْوُجُودِ فَتَقَدَّرَتْ زَكَاتُهُ بِالْخُمُسِ.
وَالْقَوْل الثَّالِثُ: إِنْ أَصَابَهُ مِنْ غَيْرِ تَعَبٍ وَجَبَ فِيهِ الْخُمُسُ، وَإِِنْ أَصَابَهُ بِتَعَبٍ فَيَجِبُ فِيهِ رُبُعُ الْعُشْرِ، لأَِنَّهُ حَقٌّ يَتَعَلَّقُ بِالْمُسْتَفَادِ مِنَ الأَْرْضِ فَاخْتَلَفَ قَدْرُهُ بِاخْتِلاَفِ الْمُؤَنِ كَزَكَاةِ الزَّرْعِ.
وَيَجِبُ إِخْرَاجُ الْحَقِّ بَعْدَ التَّمَيُّزِ.
وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْحَقَّ الْمَأْخُوذَ مِنْ
وَاجِدِ الْمَعْدِنِ زَكَاةٌ، وَسَوَاءٌ أَقُلْنَا يَجِبُ فِيهِ الْخُمُسُ أَمْ رُبُعُ الْعُشْرِ، وَقِيل: إِنْ قِيل بِرُبُعِ عُشْرٍ فَهُوَ زَكَاةٌ وَإِِلاَّ فَقَوْلاَنِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ زَكَاةٌ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُصْرَفُ فِي مَصَارِفَ خَمْسٍ خُمُسُ الْفَيْءِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَجِبُ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الزَّكَاةِ فِي الْمَعْدِنِ سَوَاءٌ أَخَذَهُ مِنْ مَوَاتٍ أَوْ مِنْ أَرْضٍ يَمْلِكُهَا عَلَى التَّفْصِيل السَّابِقِ. (1)
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْمَعْدِنِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الأَْرْضِ مِمَّا يُخْلَقُ فِيهَا مِنْ غَيْرِهَا مِمَّا لَهُ قِيمَةٌ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْحَدِيدِ وَالْيَاقُوتِِ وَالْبِلَّوْرِ وَالْكُحْل وَنَحْوِهِ، وَكَذَلِكَ الْمَعَادِنُ الْجَارِيَةُ كَالْقَارِ وَالنِّفْطِ وَالْكِبْرِيتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، لِعُمُومِ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَْرْضِ} (2)
وَلأَِنَّهُ مَعْدِنٌ قُطِعَتِ الزَّكَاةُ بِالْخَارِجِ مِنْهُ كَالأَْثْمَانِ، وَلأَِنَّهُ مَالٌ لَوْ غَنِمَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ خُمُسُهُ فَإِِذَا أَخْرَجَهُ عَنْ مَعْدِنٍ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ كَالذَّهَبِ.
وَالْوَاجِبُ فِي الْمَعْدِنِ رُبُعُ الْعُشْرِ، وَصِفَتُهُ
__________
(1) المجموع 6 / 75 - 89.
(2) سورة البقرة / 267.

الصفحة 199