كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 38)
وَالْمِيل فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَهُمْ عَلَى أَقْوَالٍ: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ أَرْبَعَةُ آلاَفِ ذِرَاعٍ (1) .
وَلِلْمَالِكِيَّةِ قَوْلاَنِ، ذَهَبَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إِلَى أَنَّهُ ثَلاَثَةُ آلاَفِ ذِرَاعٍ وَخَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ، وَقَال ابْنُ حَبِيبٍ: الْمِيل أَلْفُ بَاعٍ، وَالْبَاعُ ذِرَاعَانِ فَيَكُونُ الْمِيل أَلْفَيْ ذِرَاعٍ (2) ، وَقَال الدُّسُوقِيُّ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْمِيل أَلْفَا ذِرَاعٍ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ ثَلاَثَةُ آلاَفِ ذِرَاعٍ وَخَمْسُمِائَةٍ (3) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: الْمِيل أَرْبَعَةُ آلاَفِ خُطْوَةٍ (4) وَقَال الْحَنَابِلَةُ: الْمِيل الْهَاشِمِيُّ سِتَّةُ آلاَفِ ذِرَاعٍ بِذِرَاعِ الْيَدِ، وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ قَدَمٍ (5) .
مَا يُنَاطُ بِالْمِيل مِنَ الأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ:
87 - يُنِيطُ الْفُقَهَاءُ بِالْمِيل بَعْضَ الأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، أَهَمُّهَا مَسَافَةُ السَّفَرِ الْمُثْبِتِ لِلرُّخَصِ عَلَى أَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الْفَرْسَخِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي فَرْسَخٌ.
كَمَا يُعَلِّقُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِالْمِيل مَسَافَةَ بُعْدِ الْمَاءِ لإِِبَاحَةِ التَّيَمُّمِ
فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْبُعْدَ عَنِ الْمَاءِ الْمُبِيحِ لِلتَّيَمُّمِ هُوَ مِيلٌ، قَال الْحَصْكَفِيُّ: مَنْ
__________
(1) ابن عابدين 1 / 527.
(2) البهجة 1 / 34.
(3) حاشية الدسوقي 1 / 358.
(4) مغني المحتاج 1 / 266.
(5) المغني 2 / 256، وكشاف القناع 1 / 504.
عَجَزَ عَنِ اسْتِعْمَال الْمَاءِ الْمُطْلَقِ الْكَافِي لِطَهَارَتِهِ لِصَلاَةِ تَفُوتُ إِلَى خَلْفٍ لِبُعْدِهِ وَلَوْ مُقِيمًا فِي الْمِصْرِ مِيلاً أَرْبَعَةُ آلاَفِ ذِرَاعٍ. تَيَمُّمٌ (1) .
وَقَدَّرَ الْمَالِكِيَّةُ هَذِهِ الْمَسَافَةَ بِمِيلَيْنِ إِلاَّ إِذَا ظَنَّ أَوْ تَيَقَّنَ عَدَمَ وُجُودِ الْمَاءِ فَلاَ يَجِبُ عَلَيْهِ الطَّلَبُ أَصْلاً، وَكَذَلِكَ إِذَا شَقَّ عَلَيْهِ بِالْفِعْل طَلَبُهُ، فَإِنَّهُ لاَ يَلْزَمُهُ طَلَبُهُ (2) .
وَقَدَّرَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ الْمَسَافَةَ بِنِصْفِ فَرْسَخٍ، وَهُوَ مِيلٌ وَنِصْفٌ، قَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: لَعَلَّهُ يَقْرُبُ مِنْ نِصْفِ فَرْسَخٍ (3) .
مُقَارَضَةٌ
انْظُرْ: مُضَارَبَةٌ
__________
(1) ابن عابدين 1 / 155 - 158.
(2) الدسوقي 1 / 153.
(3) مغني المحتاج 1 / 88.
الصفحة 325